للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي تعلّم فيها أفلاطون وأرستيبوس، (١) ولا حكمة بلاد إيطاليا التي تعلم فيها فيثاغورس؛ (٢) لأن هذه الأقطار غربٌ لبلاد اليونان.

فلم يبقَ إلا أن يكون المشرقيُّون إما الهنود وإما الفرس؛ لأن هاتين الأمتين كانتا أمتي حكمة. فالشيخ لا يريد الهنود؛ لأن حكمة الهند لم يترجم منها إلا قليلٌ في التربية الرّمزية، مثل "كليلة ودمنة"، وجمل منقولة في معنى بلاغة الكلام. (٣)

أما الفرس فقد كانت لهم حكمةٌ واسعة، وظهر منهم أساطين فيها من عهد معلِّم الحكمة الأول عندهم وهو كيومرث، (٤) ثم انتقلت بتوالِي الأزمنة إلى زرادشت وتلميذَيه جاماسب وفرشاوشير وإلى بزرجمهر. (٥) غير أن الحكمةَ الفارسية لم تصل إلى عصر الشيخ منتظمةً مدونة، ولم يبق للفرس بعد انقراض ملكهم من آثار حضارتهم العلمية إلا بقيةُ كتب الدين، مثل "كتاب الزند" لزرادشت الذي هو كتاب ديانة المجوس، وهم فئة قليلة حينئذٍ ببلاد الفرس. قال قطب الدين الشيرازي


= الأرخبيل اليوناني، وقد ازدهرت حضارتها وصارت مقر علوم، ونشأ بها الحكيم أريستيب [Aristippus] تلميذ سقراط ومعاشر أفلاطون، وقصدها جماعة من الفلاسفة. - المصنف.
(١) أريستيب Aristippus (٤٣٥ - ٣٦٦ ق. م.)، فيلسوف يوناني، كان معروفًا بكونه من أبرز أتباع سقراط. ينسب إليه أو إلى حفيده وسميِّه تأسيس المذهب القوريني (Cyrenaic School) القائم على فكرتي الذاتية واللذة أو المنفعة.
(٢) فيثاغورس [Pythagoras] الحكيم الجليل، أصله من جزيرة ساموس. درس الحكمة في إيطاليا، فصارت طريقته في الحكمة تُدعى إيطالية. ولد سنة ٥٦٤ ق. م، وتوفِّيَ سنة ٤٨٤. - المصنف.
(٣) كانت علاقة الحكمة الهندية بالحكمة اليونانية ضعيفة، وإن كان بعضُ الفلاسفة اليونان زار الهند مثل بيرهون [Pyrrhon، Pyrrho] إمام الفلسفة السفسطائية. إلا أن ذلك مع قلته قد دخل في الفلسفة اليونانية، ولم يكن طريقة ممتازة. - المصنف. وقد عاش بيرهون الإيلي، الذي يعد من قدامى أئمة الفلسفة الشكية المطلقة في اليونان، بين سنتي ٣٦٠ و ٢٧٥ قبل ميلاد المسيح. أسس ما أصبح يعرف بالمدرسة البيرونية القائلة بتكافؤ الأدلة وباستواء الاحتمالات في كل شيء. وقد زار الهند وفارس خلال مرافقته للإسكندر في بعض حملاته عليهما.
(٤) كيومرث أو جيومرث Kiomarth هو أوّل ملوك الفرس حسب الشاهنامة، وهو الإنسان الأوّل حسب كتاب زرادشت الأفستا (Avasta) والذي نسلت منه الأمم الآرية.
(٥) شرح الشيرازي، ورقة ٦. - المصنف. شيرازي: شرح حكمة الإشراق، ص ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>