للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللام؛ أي لأجل هرة، وخشاش الأرض الحشرات. قال القرطبي في شرحه: "إذا حبس أحدٌ الهرة وجب عليه إطعامُها، " (١) وكذلك تجب نفقةُ الحيوان على مالكه المنتفع به.

وفي موطأ الإمام مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "بينما رجلٌ يَمشي بطريق إذِ اشتد عليه العطش، فوجد بئرًا، فنزل فيها، فشرب وخرج، فإذا كلبٌ يلهث يأكل الثَّرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلبَ من العطش مثلُ الذي بلغ مني، فنزل البئرَ فملأ خُفَّه، ثُم أمسكه بفيه حتى رقِيَ، ثم سقى الكلبَ، فشكر الله له، فغفر له. فقالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم لأجرًا؟ فقال: في كل ذي كبدٍ رطبة أجر". (٢) قال الباجي في المنتقى: "قوله: "في كل ذي كبد رطبة أجر"، عامٌّ في جميع الحيوان، ما يُملك منه وما لا يُملك، فإن في الإحسان إليها أجرًا". (٣) فقوله: "فشكر الله له"، يريد به الجزاء له بالثواب. وفي مسند أحمد بن حنبل وسنن النسائي قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ قتل عصفورًا عبثًا عَجَّ (٤) إلى الله عز وجل يومَ القيامة يقول: يا رب! إن فلانًا قتلني عبثًا ولم يقتلني لمنفعة". (٥)


(١) وعبارته: "وفيه ما يدل على أن الواجب على مالك الهر أحد الأمرين: إما أن يطعمه، أو يتركه يأكل مما يجده من الخشاش، وهي حشرات الأرض وأحناشها، ويقال على صغار الطير". القرطبي، المفهم، ج ٦، ص ٦٠٥ - ٦٠٦.
(٢) رطبة، أي: حية. - المصنف. الموطأ برواياته الثمانية، "كتاب الجامع"، الحديث ١٨٥٤، ج ٤، ص ٣٥٤؛ صحيح البخاري، "كتاب المساقاة"، الحديث ٢٣٦٣، ص ٣٨٠؛ "كتاب المظالم"، الحديث ٢٤٦٦، ص ٣٩٧؛ "كتاب الأدب"، الحديث ٦٠٠٩، ص ١٠٥١؛ صحيح مسلم، "كتاب السلام"، الحديث ٢٢٤٤، ص ٨٨٥؛ سُنَنُ أبي دَاوُد، "كتاب الجهاد"، الحديث ٢٥٥٠، ص ٤٠٨.
(٣) الباجي، أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب: المنتقى شرح موطأ مالك، تحقيق محمد عبد القادر أحمد عطا (بيروت: دار الكتب العلمية، ١٤٢٠/ ١٩٩٩)، ج ٩، ص ٣٥٠.
(٤) عج: رفع صوتَه بالشكوى، كحال المستغيث المستعدي. - المصنف.
(٥) سنن النسائي، "كتاب الضحايا"، الحديث ٤٤٥٣، ص ٧٢١. وقد أخرج النسائي كذلك قبل هذا الحديث عن عبد الله بن عمرو يرفعه: "منْ قتل عصفورًا فما فوقها بغير حقها سأل اللهُ عز وجل عنها يوم القيامة". المصدر نفسه، الحديث ٤٤٥٢، ص ٧٢٠ - ٧٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>