للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرأيُ فيه من جهة سنده أنه حديثٌ ضعيف، رَأَيْنا فيه من أوهى مراتب الضعف؛ لأن رواتَه بين متروكٍ وضعيفٍ ووضاع وكذاب ومنكر ومختلف فيه. وإذْ قد طعن الأئمةُ في جميع أسانيده، فلا يكتسب قوةً باختلافهم في كُثير بن شنظير، فقد قال ابن عدي في كامله: كُثير بن شِنظير ضعيف. (١) وقال في تهذيب الكمال عن النسائي: كُثَيِّر بن شنظير "ليس بالقوي". (٢)

وإذا تعارض الجرْحُ والتعديل، فالجرح مقدَّم، كما قرره علماء الحديث والفقه والأصول. فإذا كان المجرِّح أكثرَ من المعدِّل أو تَسَاويا، فتقديمُ الجرح متفقٌ عليه، وإذا كان المجرِّحُ أقلَّ من المعدِّل ففيه خلاف. (٣)

والصحيحُ الذي عليه الجمهور من المحدثين والفقهاء والأصوليين تقديمُ الجرح، فعلى ما قررنا تسقط روايةُ كثير بن شنظير، فلا يكون الحديثُ حسنًا لأجلها، خلافًا للسيوطي. على أن رواية كثير بن شنظير هي بواسطة حفص بن سليمان عنه، وحفص بن سليمان متروكُ الحديث، قاله البخاري. (٤)

وإنما قلتُ إنه من أوهى مراتب الضعف، لِمَا قرره علماءُ أصول الحديث أن الشديدَ الضعف هو الذي لا يخلو طريقٌ من طرقه عن كذاب أو متَّهَم. وأما ما نقله


(١) هو كثير بن شنظير المازني البصري. اختلفت في شأنه الأقوال، فقال يحيى بن معين مرة: ثقة، وقال أخرى: ليس بشيء. وقال النسائي: ليس بالقوي. قال ابن عدي: "وليس في حديثه شيء من المنكر، وأرجو أن تكون مستقيمة". المقريزي: مختصر الكامل، ص ٦٣٩.
(٢) المزي: تهذيب الكمال، ج ٢٤، ص ١٢٤.
(٣) انظر في ذلك على سبيل المثال: البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت: الكفاية وعلم الدراية، ص ٩٩ - ١٠٠.
(٤) هو أبو عمر حفص بن سليمان الأسدي، الكوفي، المقرئ. وكذلك قال البخاري: "سكتوا عنه". وقال ابن معين: "كان حفص بن سليمان وأبو بكر بن عياش أعلمَ الناس بقراءة عاصم، وكان حفص أقرأَ من أبي بكر، وكان أبو بكر صدوقًا، وكان حفص كذابًا". المقريزي: مختصر الكامل، ص ٢٨١. وقال الذهبي: "إمام في القراءة، وليس بشيء في الحديث". ديوان الضعفاء والمتروكين، ج ١، ص ٢١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>