للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَنْ مَنَحَ الْجُهَّالَ عِلْمًا أَضَاعَهُ ... وَمَنْ مَنَعَ المُسْتَوْجِبِينَ فَقَدْ ظَلَمْ". (١)

وهذا يقتضي أن يكون السائل معروفًا عند المسؤول ليتبين له حالُه من الأهلية لتلقِّي المسألة، ومن التنزه عن قصد الفتنة والتشغيب.

٣ - ومنها أن يكون العملُ بالمسؤول عنه متوقِّفًا على جواب المسؤول. فأما إذا فات العملُ أو تعذر التدارك، فلا يجب الجوابُ إذ لم يبق الجوابُ وسيلةً إلى حكم شرعي من وجوب أو تحريم.

ومثالُ ذلك ما وقع من المعتمد بن عباد ملك قرطبة وإشبيلية؛ فإنه أتاه سفير الذفنش ملك الجلالقة، فأغلظ السفير في كلامه مع المعتمد، فضرب المعتمدُ رأسَ السفير بمحبرة كانت بين يديه فقتله، ثم أحضر الفقهاء واستفتاهم في حكم قتل ذلك السفير وكان السفير يهوديًا. (٢) فهذا الاستفتاء في غير محله؛ إذ كان عليه أن يستفتيَهم قبل أن يقتله.

٤ - ومنها أن يكون السائل طالبًا معرفةَ عمل يخصه، فأما إذا كان طالبًا معرفةَ عمل غيره فذلك من العلم النافلة الذي أشار إليه الخطابي. ومن الناس مَنْ يسأل عمَّا علِمَه غيرُه ليتطلب بذلك عثراتِه، أو للتشغيب عليه من التجسس المنهيِّ عنه شرعا.

٥ - ومنها أن يكونَ العلمُ المسؤولُ عنه معلومًا للمسؤول مأثورًا عنده، فإن كان المسؤول مجتهدًا فطريق علمه بالمسؤول عننه ظهور أدلته لديه، وإن كان مقلِّدًا فطريقُ علمه به أن يكون له به نقل عن أئمة المذهب الذي قلده، وبدون ذلك لا


(١) الغزالي: إحياء علوم الدين، ج ١، ص ٨٦. وحديث "من كتم علمًا" إسناده ضعيف، كما قال الحافظ العراقي في تخريجه في هامش الإحياء.
(٢) انظر في هذه الواقعة: الحجي، عبد الرحمن علي: التاريخ الأندلسي من الفتح الإسلامي حتى سقوط غرناطة (دمشق: دار القلم، ط ٢، ١٤٢٩/ ٢٠٠٨)، ص ٤٢٤ - ٤٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>