للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتخريجًا، ويعتمد على ما يقوله في جميع ذلك". هذا حاصل كلامه، وسلمه له ابن الشاط. (١)

٦ - ومنها أن لا يكون في العلماء من هو أضلع منه بتلك المسألة، وأقدر على الجواب وأتقن، وقد قال أبو موسى الأشعري: "لا تسألوني عن شيء ما دام هذا الْحَبر بين أظهركم" (يعني عبد الله بن مسعود). (٢)

٧ - ومنها أن يكون قصدُ السائل الاستفادة دون إثارة الشغب، ولذلك أمر عمر بضرب صبيغ الذي كان يسأل أهلَ العلم عن متشابهات القرآن. قال القرطبي: "وكذلك لا يجوز تعليمُ المبتدعَ الجدالَ والحجاجَ ليجادل به أهلَ الحق". (٣)

٨ - ومنها أن يكون المسؤول واثقًا بمرتبته العلمية، واضعًا نفسَه حيثُ وضعه الله تعالَى، بحيث يشهد له الناسُ بالعلم ويظن بنفسه الإصابةَ فيما يُسأل عنه إلا احتمالًا موجوحًا. قال مالك رحمه الله: "لا ينبغي للعالم أن يفتي حتى يراه الناس أهلًا لذلك، ويرى هو نفسَه أهلًا لذلك". (٤)


(١) القرافي: كتاب الفروق، ج ٢، ص ٥٤٣ - ٥٤٧.
(٢) الكاساني، علاء الدين أبو بكر بن مسعود: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، تحقيق محمد محمد تامر وزميليه (القاهرة: دار الحديث ١٤٢٦/ ٢٠٠٥)، ج ٥، ص ٧٥.
(٣) قال القرطبي عند تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} [البقرة: ١٥٩]: "وتحقيق الآية هو أن العالم إذا قصد كتمانَ العلم عصى، وإذا لم يقصده لم يلزمه التبليغ إذا عرف أنه مع غيره. وأما مَنْ سئل فقد وجب عليه التبليغ لهذه الآية وللحديث. أما إنه لا يجوز تعليمُ الكافر القرآن والإسلام حتى يسلم، وكذلك لا يجوز تعليمُ المبتدعِ الجدالَ والحجاجَ ليُجادل به أهلَ الحق، ولا يعلم الخصمَ على خصمه حجةً يقطع بها ماله، ولا السلطانَ تأويلًا يتطرق به إلى مكاره الرعية، ولا ينشر الرخصَ في السفهاء فيجعلوا ذلك طريقًا إلى ارتكاب المعاصي وترك الواجبات، ونحو ذلك". الجامع لأحكام القرآن، ج ٢، ص ٤٨١.
(٤) "قال ابن سحنون: قال ابن القاسم: كره مالك أن يفتيَ الرجلُ حتى يستبحر في العلم، وقال: لا يُفتي حتى يراه الناسُ أهلًا للفتيا. قال سحنون: يريد أهلَ النظر والمشورة والمعرفة. قال مالك: قال ابن هرمز: حتى يراه الناسُ أهلًا للفتيا، ويرى هو نفسه أهلًا لذلك". النوادر والزيادات، =

<<  <  ج: ص:  >  >>