أُحِلَّتْ لَهُمْ} [النساء: ١٦٠]، وقال:{فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ}[البقرة: ٥٤]، وقال تعالى: {كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (١٦٣)} [الأعراف: ١٦٣]، وقال:{فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ}[المائدة: ٢٦]، وقال:{ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ}[الأنعام: ١٤٦]، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قصة البقرة:"لو ذَبَحُوا أيَّ بقرة أرادوا لأجزأتهم، ولكن شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم". (١)
لا جرم أن الله اختص الشريعةَ الإسلامية بوصف الرحمة العامة، وقد أشار إلى ذلك قولُه تعالى خطابًا لموسى - عليه السلام -: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (١٥٦) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٥٧)} [الأعراف: ١٥٦, ١٥٧].
ففي قوله:"وسعت كل شيء"، إشارةٌ إلى أن الكلام على رحمة عامة، وفي قوله "الذين يتبعون الرسول النبي الأمي" تصريحٌ بأنها من خصوصيات الأمة الإسلامية. وكذلك قوله: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٥٧)} [الأعراف: ١٥٧]، تكملةٌ لذلك.
(١) أخرجه سعيد بن منصور بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما. - المصنف. لم أجده بهذا اللفظ عند ابن منصور، فقد خرجه كما يأتي: "لو أن بني إسرائيل أخذوا أدنى بقرة فذبحوها، أجزأت عنهم، ولكنهم شددوا، ولولا أنهم قالوا: إنا إن شاء الله لمهتدون، ما وجدوها". الخراساني، سعيد بن منصور بن شعبة: كتاب السنن أو سنن سعيد بن منصور، تحقيق سعد بن عبد الله بن عبد العزيز آل حُميِّد (الرياض: دار الصميعي، ١٤١٤/ ١٩٩٣)، الحديث ١٩٣، ج ١، ص ٥٦٥. وقد أخرج الطبري عدة رواياتٍ في المعنى نفسه، بعضُها مرفوع وبعضها موقوف، بما في ذلك رواية ابن عباس مع اختلاف يسير في اللفظ. الطبري: جامع البيان، ، ج ٢، ص ٩٨ - ١٠٠.