للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال له: "هي لك أو لأخيك أو للذئب"، فسأله السائل عن ضالة الإبل، فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سؤاله وقال له: "مالك ولها؟ معها سقاؤها وحذاؤها وتشرب الماء، وترعى الشجر، حتى يأتيها ربُّها"، (١) فما كان غضبُه - صلى الله عليه وسلم - إلا لأن دليلَ عدم التقاطها قائمٌ وعلته بينة.

وكان من أصول الشريعة في تشريع الأحكام مشروعيةُ الاجتهاد لعلماء الشريعة بنصِّ قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من اجتهد وأصاب فله أجران، ومن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد". (٢)

أما أحكام الشريعة الإسلامية فتنقسم باعتبار أنواع متعلقاتها إلى أحكام:

أ - تتعلق بذات الفرد من الأمة، وهي أحكام العبادات والحدود. وأعظم ما في هذا النوع من الرحمة التوبة قال تعالى: {فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا (١٦)} [النساء: ١٦].

ب - وأحكام تتعلق بأحوال الأفراد بعضهم مع بعض من حيث إنهم أفراد، وتلك أحكامُ المعاملات بإباحة التجارات والترغيب فيها، وأنواع التعاقد، والجنايات بدفع القسوة عن المظلوم، وفي آداب المعاشرة، وفيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا مَنْ في الأرض يرحمكم من في السماء". (٣) وهذا النوع من


(١) أخرجه بهذا اللفظ عبد الرزاق عن زيد بن خالد الجهني. الصنعاني: المصنف، "كتاب اللقطة"، الحديثان ١٨٦٠١ - ١٨٦٠٢، ج ١٠، ص ١٢٩ - ١٣٠؛ سنن الترمذي، "كتاب الأحكام"، الحديث ١٣٧٣، ص ٣٥٣؛ قال الترمذي: "حديث زيد بن خالد حديثٌ حسن صحيح".
(٢) لم أجده بهذا اللفظ على كثرة تداوله على الألسنة، وإنما وجدت: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر". صحيح البخاري، "كتاب الاعتصام بالكتاب والسنَّة"، الحديث ٧٣٥٢، ص ١٢٦٤؛ صحيح مسلم، "كتاب الأقضية"، الحديث ١٧١٦، ص ٦٨١؛ سنن الترمذي، "كتاب الأحكام"، الحديث ١٣٢٦، ص ٣٤٣.
(٣) وتمامه عن عبد الله بن عمرو: "الرَّحِمُ شِجْنةٌ من الرحمن، فمن وصلها وصله الله، ومن قطعها قطعه الله". سنن الترمذي، "كتاب البر والصلة"، الحديث ١٩٢٤، ص ٤٧٢. قال الترمذي: "هذا حديثٌ حسن صحيح".

<<  <  ج: ص:  >  >>