الأحكام يندرج تحت قاعدة العدل والإحسان في قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ}[النحل: ٩٠].
جـ - وإلى أحكام تتعلق بالمجتمع الإسلامي بقطع النظر عن الأفراد، وهذه تحت قواعد الأخوة والمواساة وسياسة الأمة.
وهي في جميع هذه الأنواع مثالُ الرحمة، بحيث لا تسلك مسلكَ الشدة إلا لضرورةِ دفع الأضرار عن أن تتخلل جامعةَ الأمة من أفرادها أو من كيانها الاجتماعي. فمن أحوال التشريع قاعدة "لا ضرر ولا ضرار"، و [قاعدة]"إذا اجتمع ضرران ينفى الأكبر بالأصغر"، وذلك رحمة بالجمهور، قال تعالى:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ}[البقرة: ١٧٩]. ومن أصول التشريع قاعدة "المشقة تجلب التيسير".
د - وإلى أحكام تتعلق بالمجتمع البشري كله وتلك أحكام الدعوة إلى الإسلام والجهاد والعهد والصلح والجزية والعفو عن الأسرى أو الفداء. ومن أكبر أصولها أصل جلب المصالح ودرء المفاسد في ضروريات الأمة وحاجياتها وتحسيناتها.
هـ - وأحكام تتعلق بالمخلوقات المحتاجة إلى الرحمة من الحيوان، فالمؤذي منها يُزال وغير المؤذي يجوز الانتفاعُ بالمقدار المنتفع به منه، ولا يجوز ما دون ذلك. ولذلك كُرِه الصيدُ للهو، وحرم تعذيب الحيوان لغير أكله، وعُدَّ سباقُ الخيل رخصةً مستثناة من قاعدة تحريم التعذيب. وفي الحديث:"إن الله كتب الإحسانَ على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليُحِدَّ أحدُكم شفرتَه، ولْيُرِحْ ذبيحته". (١)
(١) القِتلة والذِّبْحة، بكسر أوله، هيئة القتل وهيئة الذَّبْح. - المصنف. صحيح مسلم، "كتاب الصيد"، الحديث ١٩٥٥، ص ٧٧٧ - ٧٧٨؛ سنن الترمذي، "كتاب الديات"، الحديث ١٤٠٩، ص ٣٦١. واللفظ للترمذي.