للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله؛ لأن الله جعلها معجزةً له فلا تفارقه، كأنهم ينظرون إلى قول الحكمة: "ما بالذات لا يتخلف ولا يختلف". وقالت طائفة من العلماء إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يمت حتى كتب، فقيل بمعنى علمه الله الكتابة، وقيل: بمعنى جرى القلمُ في يده. ونُسب هذا إلى الشعبي وعون بن عبد الله ومجاهد، وبه قال أبو ذر الهروي وأبو جعفر السمناني وتلميذهما أبو الوليد الباجي الأندلسي، ومال إليه عياض في الإكمال. (١)

واحتجوا لذلك بما وقع في صحيح البخاري في باب عمرة القضاء من حديث أبي إسحاق السبيعي عن البراء بن عازب "أن علي بن أبي طالب لَمَّا كتب صلح القضية بين رسول الله وقريش كتب: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله، فقال سهيل بن عمرو (سفير قريش): لو نعلم أنك رسولُ الله ما منعناك شيئًا، ولكن أنت محمد بن عبد الله، فقال: أنا رسول الله وأنا محمد بن عبد الله، ثم قال لعلي: امحُ رسول الله، فقال علي: لا والله لا أمحوك (أو لا أمحاه) أبدًا، فأخذ رسول الكتاب وليس يحسن يكتب فكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله"، الحديث. (٢) ورواه النسائي وأحمد بن حنبل بمثل ما في صحيح البخاري، (٣) وهو أيضًا في صحيح مسلم من حديث أبي إسحاق بلفظ: "فقال رسول الله لعلي: "أرنِي مكانَها"، فأراه مكانها فمحاه، وكتب: ابن عبد الله". (٤)


(١) سيأتي كلام القاضي عياض بعد قليل.
(٢) أورد المصنف الحديث بتصرف. صحيح البخاري، "كتاب المغازي"، الحديث ٤٢٥١، ص ٧٢٠.
(٣) النسائي، عبد الرحمن أحمد بن شعيب: كتاب السنن الكبرى، تحقيق حسن عبد المنعم شلبي (بيروت: مؤسسة الرسالة، ط ١، ١٤٢١/ ٢٠٠١)، "كتاب"، الحديث ٨٥٢٥، ج ٧، ص ٤٨٢ - ٤٨٣؛ ابن حنبل، أحمد: مسند الإمام أحمد بن حنبل، تحقيق جماعة من العلماء بإشراف شعيب الأرنؤوط وعبد الله بن عبد المحسن التركي (بيروت: مؤسسة الرسالة، ط ١، ١٤١٦/ ١٩٩٥)، الحديث ٣١٨٧، ج ٥، ص ٢٦٣.
(٤) صحيح مسلم، "كتاب الجهاد والسير"، الحديث ١٧٨٣/ ٩٢، ص ٧١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>