للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من بني محزوم من قريش حُليًّا، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإقامة الحدّ عليها، فقالوا: "من يشفع لها عند رسول الله؟ فقال قائل: ومن يجترئ عليه غيرُ أسامة بن زيد؟ فكلموا أسامة، فكلم أسامةُ رسول الله في شأنها؛ فغضب رسول الله وقال: "أتشفع في حدّ من حدود الله؟ [ثم قال: ] "إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريفُ تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيفُ أقاموا عليه الحدّ. والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقتْ لقطعتُ يدها(١) أشار كلامُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ما كان في الأمم السالفة من التفاضل في إقامة الشريعة. وقد كان ذلك في بني إسرائيل، كما ثبت في بعض طُرق هذا الحديث في الصحاح. (٢) وثبت أن الرومان كانت عقوباتُ الجنايات المتماثلة تختلف عندهم على حسب اختلاف حالات المجرمين ووسائلهم.

الثالث: المساواة في الأهلية، أي في الصلوحية للأعمال والمزايا، وتناول المنافع بحسب الأهلية لذلك. وهذه قد تكون بين جميع مَنْ هم داخلون تحت سلطة الإسلام، وتكون بين المسلمين خاصة، وتكون بين أصناف المسلمين من الرجال أو من الأحرار أو من النساء.

والأصل في هذه الأهلية في الإسلام هو المساواةُ بين الداخلين تحت حكم الإسلام كلهم؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - في أهل الذمة: "لهم ما لنا وعليهم ما علينا"، (٣) ثم المساواة


(١) انظر عدة روايات للحديث مع اختلاف في بعض ألفاظها في: صحيح البخاري، "كتاب أحاديث الأنبياء"، الحديث ٣٤٧٥، ص ٥٨٦؛ "كتاب المغازي"، الحديث ٤٣٠٤، ص ٧٢٨؛ "كتاب الحدود"، الحديثان ٦٧٨٧ - ٦٧٨٨، ص ١١٧٠؛ صحيح مسلم، "كتاب الحدود"، الحديث ١٦٨٨، ص ٦٦٨؛ سنن الترمذي، "كتاب الحدود"، الحديث ١٤٣٠، ص ٣٦٧؛ سنن النسائي، "كتاب قطع السارق"، الحديث ٤٩٠٩، ص ٧٨٧؛ سنن أبي داود، "كتاب الحدود"، الحديث ٤٣٧٣، ص ٦٨٧.
(٢) صحيح البخاري، "كتاب فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -"، الحديث ٣٧٣٣، ص ٦٢٩. وفيه أنه - عليه السلام - قال: "إن بني إسرائيل كان إذا سرق فيهمُ الشريفُ تركوه، وإذا سرق فيهمُ الضعيف قطعوه، لو كانت فاطمة بنت محمد لقطعتُ يدها".
(٣) جاء تحت عنوان "حقوق أهل الذمة" في الموسوعة الفقهية: "القاعدة العاملة في حقوق أهل الذمة: أن لهم ما لنا وعليهم ما علينا، وهذه القاعدة جرت على لسان فقهاء الحنفية، وتدل عليها =

<<  <  ج: ص:  >  >>