للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشافعية. (١) ونسبه ابنُ عطية إلى القاضي أبي بكر الباقلاني وإمام الحرمين. (٢) والذي في جمع الجوامع أن إمام الحرمين قائلٌ بتقسيم الذنوب إلى صغائر وكبائر، وهو صريحُ كلامه في كتاب الإرشاد. (٣) وأحسن ما حُدِّدت به الكبيرةُ ما قاله إمامُ الحرمين في الإرشاد: "إنها كلُّ جريرة تُؤْذِنُ بقلة اكتراث مرتكبها بالدين ورقة الديانة"، (٤) وعدوا ثمانٍ وثلاثين معصيةً كبائر. (٥)


= ثم خرج إلى نيسابور وبُنيت له مدرسةٌ كبيرة فدرَّس فيها، ورحل إلى خراسان وبعض أنحاء العراق، فاشتهر بين الخاصة والعامة وذاع صيته بين طلبة العلم. ألف في علم الكلام كتابه الكبير، الذي سماه "الجامع في أصول الدين والرد على الملحدين". تُوفِّيَ الإسفراييني في يوم عاشوراء سنة ٤١٠/ ١٠٢٧ بنيسابور، ثم نقل إلى إسفرايين ودفن بها، وكان قد نيف على الثمانين.
(١) وفي ذلك يقول السبكي (ت ٧٧١ هـ): "الأنبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون، لا يصدر عنهم ذنبٌ ولو صغيرة سهوًا، وفاقًا للأستاذ [يعني أبا إسحاق الإسفراييني] والشهرستاني وعياض والشيخ الإمام [يعني والده علي عبد الكافي المتوفَّى سنة ٧٥٦ هـ] ". البناني: حاشية العلامة البناني، ج ٢، ص ١٤٥.
(٢) ابن عطية: المحرر الوجيز، ج ٢، ص ٤٣ - ٤٤.
(٣) وفي ذلك يقول الجويني: "فإن قيل: بَيِّنوا لنا عصمةَ الأنبياء وما يجب لهم، قلنا: تجب عصمتُهم عما يناقض مدلولَ العجزة، وهذا مما نعلمه عقلًا، ومدلولُ المعجزة صدقُهم فيما يبلغون. فإن قيل: هل تجب عصمتُهم عن المعاصي؟ قلنا: أما الفواحشُ المؤذنة بالسقوط وقلة الديانة، فتجب عصمةُ الأنبياء عنها إجماعًا. ولا يشهد لذلك العقل، وإنما يشهد العقلُ لوجوب العصمة عما يناقض مدلولَ المعجزة. وأما الذنوبُ المعدودة من الصغائر، على تفصيل سيأتي الشرح عليه، فلا تنفيها العقول". الجويني: كتاب الإرشاد، ص ٢٩٨.
(٤) الجويني: كتاب الإرشاد، ص ٣٢٩. وبقية كلام الجويني: "فهي [أي الكبيرة] التي تحط العدالة، وكل جريرة لا تؤذن بذلك بل تبقي حسنَ الظن ظاهرًا لصاحبه، فهي التي لا تحط العدالة؛ وهذا ما يتميز به أحد الضربين [أي الكبيرة والصغيرة] عن الآخر".
(٥) وقد أوصلها الذهبي إلى ست وسبعين. انظر: الذهبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز: كتاب الكبائر وتبيين المحارم، تحقيق محيي الدين مستو (دمشق/ بيروت: دار ابن كثير، بدون تاريخ). ولعل مرجع الاختلاف في عد الكبائر وحصرها هو عدم الاتفاق على ضوابط محددة في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>