للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونسبه الخفاجي إلى الحنفية، (١) وإليه مال الشاطبي. (٢) وثانيهما أن الحكمَ الواضحُ الدلالة والمتشابه خفيُّها، وإليه مال الفخر. (٣) فالنصُّ والظاهرُ هما المحكم لاتضاح


(١) الشهاب الخفاجي: عناية القاضي وكفاية الراضي المعروف بحاشية الشهاب على تفسير البيضاوي (بيروت: دار صادر، بدون تاريخ)، ج ٣، ص ٥.
(٢) من الراجح أن المصنف يشير إلى كلام الشاطبي على تأويل المتشابه حيث يقول: "تسليط التأويل على التشابه فيه تفصيل، فلا يخلو أن يكون من المتشابه الحقيقي أو من الإضافي. فإن كان من الإضافي فلا بد منه إذا تعين الدليل؛ كما بين العام بالخاص، والمطلق بالمقيد، والضروري بالحاجي، وما أشبه ذلك؛ لأن مجموعهما هو المحكم، وقد مر بيانه. وأما إن كان من الحقيقي فغير لازم تأويله؛ إذ قد تبين في باب الإجمال والبيان أن المجمل لا يتعلق به تكليف إن كان موحدًا [لعلهما: موجودًا]؛ لأنه إما أن يقع بيانه بالقرآن الصريح، أو بالحديث الصحيح، أو بالإجماع القاطع، أو لا. فإن وقع بيانه بأحد هذه فهو من قبيل الضرب الأول [الصحيح أن يقول: الثاني] من التشابه، وهو الإضافي، وإن لم يقع بشيء من ذلك فالكلام في مراد الله تعالى من غير هذه الوجوه تسوُّرٌ على ما لا يُعلم". الشاطبي: الموافقات، ج ٢، ٩٠ - ٩١.
(٣) يقول الرازي ملخصًا رأيه في المسألة: "وأما المحقق المنصف، فإنه يحمل الأمر في الآيات على أقسام ثلاثة: أحدها ما يتأكد ظاهرها بالدلائل العقلية، فذاك هو المحكمُ حقًّا. وثانيها الذي قامت الدلائلُ القاطعة على امتناع ظواهرها، فذاك هو الذي يحكم فيه بأن مراد الله غير ظاهره. وثالثها الذي لا يوجد مثل هذه الدلائل على طرَفَيْ ثبوته وانتفائه، فيكون من حقه التوقف فيه، ويكون ذلك متشابهًا، بمعنى أن الأمر اشتبه فيه ولم يتميز أحد الجانبين عن الآخر، إلا أن الظن الراجح حاصل في إحرائها على ظواهرها". التفسير الكبير، ج ٤/ ٧، ص ١٥٢، وانظر كذلك ما جاء في ص ١٤٥ - ١٤٦. وقبل الرازي والشاطبي كان للطبري تقرير لطيف في فهم معنى المحكمات والمتشابهات والعلاقة بينهن حيث قال: "وأما المحكمات فإنهن اللواتي قد أُحْكمن بالبيان والتفصيل، وأُثبِتت حججُهنَّ وأدلتُهن على ما جعلن أدلة عليه من حلال وحرام، ووعد ووعيد، وثواب وعقاب، وأمر وزجر، وخبر ومثل، وعظة وعبر، وما أشبه ذلك. ثم وصف جل ثناؤه هؤلاء الآيات المحكمات بأنهن "هن أم الكتاب"، يعني بذلك أنهن أصلُ الكتاب الذي فيه اعتمادُ الدين والفرائض والحدود، وسائر ما بالخلق إليه الحاجة من أمر دينهم، وما كلفوا من الفرائض في عاجلهم وآجلهم. وإنما سماهن أمَّ الكتاب؛ لأنهن معظم الكتاب، وموضع مفزع أهله عند الحاجة إليه". ثم قال: "وأما قوله متشابهات فإن معناه متشابهات في التلاوة، مختلفات في المعنى"، ليخلص إلى القول: "فتأويل الكلام إذًا: إن الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء هو الذي نزل عليك يا محمد القرآن، منه آياتٌ محكمات بالبيان، هن أصل الكتاب الذي عليه عمادك وعماد أمتك في الدين، وعليه مفزعك ومفزعهم فيما افترضت عليك وعليهم من شرائع الإسلام، =

<<  <  ج: ص:  >  >>