للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن علمَ الناس بوجود الهلال لم يكن له طريقٌ في العصور الماضية سوى "الرؤية، فلذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم فاقدروا له". (١) وليس في لفظ الحديث صيغةُ قصر الصوم على حالة رؤية الهلال، فقياسُ حساب المنجِّمين على رؤية الهلال قياس جلي. (٢)


(١) لم أجده بهذا اللفظ تحقيقًا، وأكثر ما وجدت قربًا منه ما أخرج مسلم عن عبيد الله عن نافع، عن ابن عمر - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أنه قال: "الشهر هكذا وهكذا وهكذا (ثم عقد إبهامه في الثالثة)، فصوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته. فإن أغمي عليكم فاقدروا له ثلاثين"، وفي رواية أخرى أنه قال: "إنما الشهر تسع وعشرون فلا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه. فإن غُمَّ عليكم فاقدروا له". صحيح مسلم، "كتاب الصيام"، الحديث ١٠٨٠، ص ٣٩١. وقد ترجم ابن ماجه بابًا بعنوان: "ما جاء في "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته" أخرج فيه عَن الزهري، عَن سالم بْن عَبْد الله، عَن ابن عمر؛ قَالَ: "قال رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فاقدروا له"". سنن ابن ماجه، نشرة بعناية صدقي جميل العطار (بيروت: دار الفكر، ط ١، ١٤٢٤/ ٢٠٠٣)، "كتاب الصيام"، الحديث ١٦٥٤، ص ٣٨٨. وأخرجه مالك بلفظ: "لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غُم عليكم فاقدروا له". وفي رواية أبي مصعب الزهري زيادة في أوله: "الشهر تسعٌ وعشرون، فلا تصوموا حتى تروا الهلال. . ." الموطأ برواياته الثمانية، "كتاب الصيام"، الحديث ٦٨٦، ج ٢، ص ٣٠٥ - ٣٠٧.
(٢) يقسم القياس حسب اعتبارات مختلفة، منها الوضوح والخفاء في علة الحكم، فيكون منه جلي وخفي، ومنها مدى تحقق العلة بين الأصل والفرع فيكون منه أولى ومساوي وأدنى. فالقياس الجلي هو ما كانت علةُ الحكم فيه ثابتة بالنص، والخفيُّ ما كانت العلةُ فيه مستنبطة. أما قياس الأولى فهو ما كان تحققُ العلة فيه أشدَّ في الفرع منه في الأصل. وقياس المساواة هو ما كانت علةُ الحكم فيه متحققة في الفرع كتحققها في الأصل. أما قياس الأدنى فهو الذي يكون تحقق العلة في الفرع أدنى منه في الأصل. على أن الأحناف يعدون الاستحسان قياسًا خفيًّا في مقابل القياس الجلي الذي يسبق إلى الأفهام بظاهر النص. انظر في هذا: المحبوبي، صدر الشريعة عبيد الله بن مسعود: التنقيح في أصول الفقه (علق عليه إبراهيم المختار أحمد عمر الجبرتي)، نشرة بعناية إلياس قبلان (بيروت: دار الكتب العلمية، ط ١، ٢٠٠٩)، ص ٤٣٧ - ٤٤٦؛ التفتازاني، سعد الدين مسعود بن عمر: شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه، نشرة بعناية زكريا عميرات (بيروت: دار الكتب العلمية، ط ١، ١٤١٦/ ١٩٩٦)، ج ٢، ص ١٧١ - ١٧٦. وقد عد الشيخ يوسف القرضاوي الأخذ بالحساب الفلكي في رؤية الهلال من باب قياس الأولى، حيث قال: "إن الأخذ بالحساب القطعي اليوم وسيلةً لإثبات المشهور، يجب أن يقبل من باب قياس الأَوْلى، =

<<  <  ج: ص:  >  >>