للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَفِيعَكَ فَاشْكُرْ فِي الْحَوَائِجِ إِنَّهُ ... يَصُونُكَ عَنْ مَكْرُوهِهَا وَهُوَ يَخْلُقُ (١)

ومن الشواهد لذلك نكتةٌ تاريخية قلَّ مَنْ يتفطن لها، وهو ما وقع في ظهير الخليفة القادر بالله الذي أصدره للسلطان يمين الدولة محمود الغزنوي بولاية خراسان، فقد جاء فيه: "وليناك كورةَ خراسان، ولقبناك يمين الدولة بشفاعة أبي حامد الإسفراييني". (٢)

والمرادُ بالشفاعة الثابتة لرسول الله شفاعتُه يومَ القيامة للناس عند الله تعالى لدفع ما يلاقونه من العذاب. وإذ قد أراد الله تعالَى إكمالَ الفضائل لرسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -، كان من جملة ما أعطاه أن أعطاه فضيلةَ الشفاعة وسماها بالمقام المحمود فقال تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (٧٩)} [الإسراء: ٧٩]، تكميلًا لفضائله في الآخرة، على حسب ما له من السؤدد والقبول عند الله تعالى. فقد أعطى أهلَ السيادة الدنيوية


= بالشعر؛ فجده رزين شاعر، وأبوه علي كان من شعراء عصره، وعمه عبد الله بن رزين أحد الشعراء، وابن عمه محمد بن عبد الله (الملقب بأبي الشيص). شاعر له ديوان، وأخواه علي أبو الحسن ورزين من الشعراء المشهورين. وعن هؤلاء جميعًا أخذ دعبل، ومنهم تعلم؛ فتلقف أبجدية الشعر وأصوله، وفهم معانيه وغاص في بحوره، وحفظ الكثير من الأبيات والقصائد. خرج من الكوفة إلى الحجاز مع أخيه رزين، وإلى الري وخراسان مع أخيه علي. رافق مسلم بن الوليد الشاعر المتصرف في فنون القول ذا الأسلوب الحسن، ليأخذ الأدب عنه ويستقي من فنون الشعر عنده، حيث كان ابن الوليد - كما قيل عنه - أول من قال الشعر المعروف بالبديع، وتبعه فيه أبو تمام وغيره. رحل دعبل إلى بغداد واستقر بها، وكان شاعرًا هَجَّاءً، متشيعًا، غير هياب، حتى إنه هجا الرشيدَ والمأمون والمعتصم والواثق! وكان صديقًا للبحتري، وصنف كتابًا في طبقات الشعراء. توُفِّيَ سنة ٢٤٦/ ٨٦٠.
(١) لهذا البيت قصةٌ في العلاقات الأدبية بين الشعراء رواها هارون بن عبد الله المهلبي، وذكرها الأصفهاني في أخبار أبي تمام، فانظرها في: الأصفهاني، أبو الفرج علي بن الحسين بن محمد بن أحمد بن الهيثم القرشي الأموي: الأغاني، تحقيق قصي الحسين (بيروت: منشورات دار ومكتبة الهلال، ط ١، ١٤٢٢/ ٢٠٠٢)، ج ٦/ ١٦، ص ٢٦٦ - ٢٦٧.
(٢) تعذر علينا توثيق هذا الظهير، ولعل قارئًا خبيرًا بوثائق التاريخ يهدينا إليه.
استدراك: ورد هذا النص في "شرح المقاصد في علم الكلام" للتفتازاني، ج ٢/ ص ٢٣٩، وأورده ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير ٣/ ١٥ طبعة الدار التونسية.

<<  <  ج: ص:  >  >>