للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزائلة خصلةَ الشفاعة الزائلة، وأعْطى صاحبَ السيادة الحقة الدائمة الشفاعةَ الصادقة في دار الخلود، وخصه بها كما خصه بفضائلَ لم يشاركه فيها أحد.

فقد روى مالك في الموطأ والبخاري ومسلم في صحيحيهما عن جابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أُعْطِيتُ خمسًا لم يُعْطَهُنَّ أحدٌ قبلي: نُصرت بالرعب مسيرة شهر، وجُعِلَتْ لِيَ الأرضُ مسجدًا وطهورًا، وأُحِلت لِيَ الغنائم، وأُعطيتُ الشفاعةَ، وكان النبيُّ يُبعثُ إلى قومه خاصة وبُعِثْتُ إلى الناس عامة". (١)

وفي صحيحَيْ البخاري ومسلم عن أنس بن مالك وأبي هريرة وحذيفة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يجمع الله الناس يوم القيامة في صعيد واحد، وتدنو الشمس من رؤوس الخلائق. فيبلغ الناس من الكرب والغم ما لا يطيقون، فيهتمون لذلك، فيُلهمون فيقولون: لو استشفعنا إلَى ربنا حتى يريحنا من مكاننا، ثم ذكر أنهم يأتون آدم ثم نوحًا ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى (فكلٌّ يعتذر)، وأن عيسى يقول: ائتوا محمدًا عبدًا قد غُفرَ له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال: فيأتوني فأستأذن على ربّي فيأذن لي فإذا رأيته وقعت ساجدًا فيدعني ما شاء الله ثم يقول: يا محمد ارفع رأسك، قُلْ تُسمع، وسَلْ تُعْطَ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ، فأرفع رأسي فأحمد ربّي بتحميد يعلمنيه ربّي، ثم أشفع فيحد لي حدًّا فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة ثم أعود فأقع ساجدًا". (٢)


(١) لَم أجده في الموطأ برواياته الثمانية، فيبدو أن الإحالة على مالك والموطأ زلة قلم، أو لعله في نسخة ابن بشكوال من الموطأ التي سيأتِي ذكرُها في مقال المصنف عن الموطأ ونشأة علم الحديث. صحيح البخاري، "كتاب التيمم"، الحديث ٣٣٥، ص ٥٨؛ "كتاب المساجد"، الحديث ٤٣٨، ص ٧٦؛ صحيح مسلم، "كتاب المساجد ومواضع الصلاة"، الحديث ٥٢١، ص ١٩٤.
(٢) أورد المصنف الحديث مختصرًا، فانظره في: صحيح البخاري، "كتاب التفسير"، الحديث ٤٤٧٦، ص ٧٦٠؛ "كتاب الرقاق"، الحديث ٦٥٦٥، ص ١١٣٥ - ١١٣٦؛ "كتاب التوحيد"، الحديث ٧٤١٠، ص ١٢٧٤ - ١٢٧٥ والحديث ٧٥١٠، ص ١٢٩٣ - ١٢٩٤؛ صحيح مسلم، "كتاب الإيمان"، الحديث ١٩٣، ص ٩٤ - ٩٥؛ سنن الترمذي، "أبواب صفة القيامة"، الحديث ٢٤٣٤، ص ٥٧٨ - ٥٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>