للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الشافعي لا يصح هذا الإقرار؛ لأن الميراث فرع على النسب، والنسب لم يثبت فلم يثبت الإرث، (١) ولأن ما أدى وجوده إلى نفيه انتفى من أصله. (٢) وتُعرف هذه المسألة عند الشافعية بمسألة الدَّوْر الْحُكْمي، وعدوه من موانع الميراث. (٣) وهذا ما لم يكن المُقِرُّ منفردًا بالإرث، فإن انفرد بالإرث أُعمل إقرارُه بالنسب وإن كان واحدًا أو أنثى. وفي الحنبلي مثل الشافعي. (٤)

٣٣ - إذا أقر بعد موت أخيه بابنٍ لأخيه الميت، لا يثبت نسبُ الابن للميت، ولكنّ المقر له يحجب المقر عن إرث الأخ الميت. ولا يلزم غيره ممن لم يُقر من الورثة. (٥)


= إذ ليس المدرك اعتبار حق ميراث المقر له في تركة اليت فيكون فرعًا مفرَّعًا على أصلٍ غير ثابت حتى يكون مثار استغراب من تفريع موجود على معدوم. وإنما المدرك فيما نرى هو إعمال أحد أسباب استحقاق شيء من المال المتروك عن الميت انتقل إلى أحد ورثته، فأقر هذا الوارث بأن له شريكًا فيه. وهذا السبب ليس هو النسب إلى الميت الذي هو أحد أسباب الإرث الثلاثة، بل هو شيء آخر. فإن تعلق الحق بتركة الميت له أسباب عديدة: منها الإرث، ومنها الوصية، ومنها تعمير ذمة الميت في حياته بحق في ماله، وغير ذلك مما استقراؤه في غير هذا الموضع. ولا شك أن إقرار أحد الورثة لشخص بأنه وارث للميت يؤول إلى اعتراف هذا المقر باستحقاق نصيب من تركة الميت، فحقٌّ على المقِرِّ أن يمكن المقرَّ له بجزء من نصيبه في الميراث مما يصير إلى المقر. وذلك لا يلزم الذين لم يقروا له، فرجعت المسألة إلى قيام بعض الأسباب للمسبَّب الواحد. فليس هذا المال المقر به ميراثًا، وإنما هو مسبَّبٌ عن اعتراف بحق يساوي نصيبَ وارث. ونظير ذلك إعمالُ شهادة رجل وامرأتين أو رجل ويمين في جراح العمد لإيجاب دية الجرح على المدَّعى عليه به، ولا يُعمل في القَوَد بالجرح إلا شهادة عدلين، فلا يقال إن ذلك من إعمال الفرع مع انتفاء أصله. وقريب منه في الصورة وصيةُ الجد لبعض حفدته بنصيب أبيه المتوفَّى قبل الموصى له، فإنه عطيةٌ مقدّرة بنصيب ميراث وليس ميراثا. وفي هذا التمحيص ما يرجّح قول مالك وأبي حنيفة على قول الشافعي ومحمد بن الحسن".
(١) المهذب للشيرازي، ص ٣٥٢ جزء ٢.
(٢) نقله عنهم في الدر المختار، ص ٧١٦ جزء ٤.
(٣) رد المحتار، ص ٧١٦ جزء ٤. - قال محرر الموسوعة الفقهية: "دفع هذا بما تقدم آنفًا في دفع توقف المقري. وحاصلُ الدفع منعُ ما ضمنه قولهم؛ لأن الميراث فرع النسب من مقدمة صغرى لقياس تقول: هذا ميراث".
(٤) رد المحتار، ص ٧١٦ جزء ٤.
(٥) المغني لابن قدامة، ص ٣٢٥ جزء ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>