للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومصارفُ الزكاة مجموعةٌ في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} [التوبة: ٦٠] , وهم الذين يبعثهم الأمير لاستخلاص الزكاة وكتابة مقاديرها ونحو ذلك، فيأخذون أجورهم على خدمتهم من أموال الزكاة. {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ}، وهم الذين دخلوا في الإسلام حديثًا، {وَفِي الرِّقَابِ} أي عتق العبيد، {وَالْغَارِمِينَ}، وهم الذين عليهم ديونٌ في غير معصية، أو في معصية وثبتت توبتُهم منها، ولم تكن لهم أموالٌ فاضلة تُدفع منها ديونُهم ولو كانت لهم عروضٌ تكفي عيالهم، {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ} وهو الغريب إذا لم يجد مالًا في بلد غربته في طريق سفره. (١)

واعلم أنه يجوز للإنسان أن يعطيَ زكاتَه إلى أقاربه الذين لا تجب عليه نفقتُهم، ويجوز للمرأة أن تعطيَ زكاةَ مالها لزوجها الفقير أو المدين. ويُعْطَى لكلِّ واحدٍ من مصارفها ما يكفيه لدفع السبب الذي لأجله استحقَّ الزكاة. و [اعلم] (٢) أن زكاة النقدين تُوَزَّع في البلد الذي فيه المالك، والمراد بالبلد هو الموضع الذي ينضبط بالعرف بأنه بلد، إذ قد تكون الأرضون شاسعةً لا سُكَّانَ فيها، وهي تابعةٌ لمدينة أو قرية كالهناشير التابعة للبلدان، أو تكون حولها وعن بعد منها أحياء أو بيوت، فموضعُ الوجوب ما كان بلدًا، أو قرية، أو قرى متجاورة، أو أحياء، هي أقرب لموضع المزكي.


(١) لم يبين المصنف ما المراد بـ "في سبيل الله"، كما بين بقية المصارف. ولعله من المناسب هنا جلبُ كلامه في ذلك من التفسير، حيث قال: "وسبيل الله لم يُختلف أن الغزو هو المقصود، فيُعطى الغزاةُ المحتاجون في بلد الغزو، وإن كانوا أغنياء في بلدهم. وأما الغزاة الأغنياء في بلد الغزو فالجمهور أنهم يُعطَوْن، وبه قال الشافعي وإسحاق، وقال أبو حنيفة: لا يُعطَون". ثم قال توسيعًا لمعنى في سبيل الله: "والحق أن سبيل الله يشمل شراء العدة من سلاح وخيل ومراكب بحرية ونوتية ومجانيق، وللحملان، ولبناء الحصون وحفر الخنادق، وللجواسيس الذين يأتون بأخبار العدو. وبه قال محمد بن عبد الحكم من المالكية، ولم يُذكر أن له مخالفًا، وأشعر كلام القرطبي في التفسير أن قول ابن عبد الحكم مخالفٌ لقول الجمهور". تفسير التحرير والتنوير، ج ٦/ ١٠، ص ٢٣٩ - ٢٤٠.
(٢) زيادة اقتضاها السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>