للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملاءً، ودَيْنُه كدين على المفلس حين تصير مائته خمسين. ففي سماع عيسى عن ابن القاسم في العتبية: "قلت: أرأيتَ لو كان الدينُ لا يُرتَجى قضاؤه، وهو لو باعه الساعةَ بعرض باعه بنصف ثمنه، أو ثلث ثمنه، هل يُحسب ذلك أم لا يُحسب؟ قال: إن كان يجزيه ذلك، حسب الذي يجده (١) وتمام الدين فيما في يديه، وزكَّى ما بقيَ إن كان بقي ما تجب فيه الزكاة. قال سحنون: يزكي قيمةَ الدين ولا يزكي عددَه". (٢) قال ابن رشد في كتاب "البيان والتحصيل": "وقوله إن الدَّيْن الذي لا يُرتَجَى إذا كانت له قيمةٌ يحسب تلك القيمة، ينبغي أن يُحمل على التفسير لِمَا في المدونة، فيكون قوله فيها: إنه لا يُزكَّى الدَّيْنُ الذي لا يُرتجى، معناه إذا لم تكن له قيمة". (٣)

[قلتُ: ومثلُه في شرح أبي الحسن عليها، وعليه درج ابنُ الجلاب (٤) في مختصره. (٥) واعلم أن ذلك لا يختص بالمدير، بل يعم كل دين تجب زكاته، كما أشار


(١) وفي نسخة: يُجديه.
(٢) ابن رشد: البيان والتحصيل، "كتاب زكاة الذهب والورق"، ج ٢، ص ٣٩٥.
(٣) المصدر نفسه، ص ٣٩٥.
(٤) هو أبو القاسم عبيد الله بن الحسين بن الحسن ابن الجلاب، فقيه مالكي بصري. لم يعين المترجمون له تاريخ ولادته. تفقه ابن الجلاب بالشيخ أبي بكر الأبهري (٢٨٩ - ٣٧٥ هـ) شيخ الملكية بالعراق، ولزمه زمنًا طويلًا وكان من كبار أصحابه، وغيره ممن لم يذكر المترجمون أسماءهم. وأخذ عنه كثيرون، منهم ابن أخته المسدد بن جعفر بن محمد بن أيوب البصري شارح كتاب "التفريع"، والقاضي أبو محمد عبد الوهاب بن نصر البغدادي وأبو الحسن علي بن القاسم بن محمد بن إسحاق الطابثي البصري. ويقال إنه كان ضريرًا، وكان من أحفظ أصحاب الأبهري وأنبلهم. له تآليف عدة منها كتاب في مسائل الخلاف، و"شرح المدونة" (يوجد منه مخطوط بجامعة القرويين)، وكتاب "التفريع" المشهور الذي بلغت شروح العلماء عليه ثلاثة وعشرين شرحًا، من أشهرها شرح ابن أخته المسدد التقدم ذكره، وشروح ابن بشير وابن ناجي والتلمساني والتتائي. توفي عند منصرفه من الحج في شهر صفر من سنة ٣٧٨ هـ.
(٥) ابن الجلاب البصري، أبو القاسم عبيد الله بن الحسين بن الحسن: التفريع، تحقيق حسين بن سالم الدهماني (بيروت: دار الغرب الإسلامي، ١٩٨٧)، ج ١، ص ٢٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>