للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من هذا أن الغنى يكون إما بمال ثابت، أو آيل إليه. واحترزنا بالثابت عما يُسرع إليه الاضمحلال، كالبقول والثمار الرطبة، وعما لا تتوافر فيه الرغباتُ في جميع الأحوال، كالفواكه والتوابل والعسل.

ويُؤخذ من كلام الفقهاء ضابطٌ لِمَا اهتدينا إليه من حقيقة المال الذي يحصل به الغنى، وذلك أن يشتمل هذا المالُ على وصفين وقعا في كلامهم:

أحدهما: أن يكون ذا بال، قال المازري: "المواساة إنما تكون فيما له بالٌ من الأموال". (١)

ثانيهما: أن يكون قابلًا للنماء؛ لأن المال إذا لم يكن قابلًا للنماء أخذ في النقص فالنفاد، فيكون الغنى به ناقصًا مضمحلًا. قال ابن العربي في القبس: "الزكاة مختصة بالأموال النامية، أو المعرضة لذلك". (٢) وقال المازري في المعلم: "قيل: سميت الزكاة زكاة؛ لأن أصلَ الزكاة في اللغة النماء، وهو الزيادة. والزكاة أداءٌ مُقرَّرٌ على الأموال المعَرَّضة للنماء". (٣)


(١) المازري: المعلم بفوائد مسلم، ج ٢، ص ٥. وقد ساق المصنف كلام المازري بتصرف وأوردناه بنصه.
(٢) أورد المصنف كلام ابن العربي بشيء من التصرف، ولفظه بتمامه: "والزكاة مختصة بالأموال النامية التي هي بعرضة ذلك من النماء، وهي ثلاثة أجناس: العين وتشمل الذهب والفضة، والحرث ويشمل الحب والثمرة، والماشية وهي عبارة عن ثلاثة أنواع: الإبل والبقر والغنم". المعافري: كتاب القبس، ج ١، ص ٤١٤؛ وجاء في المسالك بلفظ: "والزكاة مختصة بالأموال النامية التي هي معرضة ذلك من النماء". المسالك، ج ٤، ص ١٣.
(٣) تصرف المصنف في كلام المازري تصرفًا غير يسير بالزيادة والحذف، ونصه: "أصلُ الزكاة في اللغة النماء. فإن قيل: كيف يستقيم هذا الاشتقاقُ ومعلومٌ انتقاصُ المال بالإنفاق؟ قيل: وإن كان نقصًا في الحال، فقد يفيد النموَّ في المآل، ويزيد في صلاح الأموال". المازري: المعلم بفوائد مسلم، ج ٢، ص ٥. ومرة أخرى، فات ذلك على "محقق" فتاوى المصنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>