للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية: أن يخف ويقل ولكن لا يزول بالكلية، فهذا كالذي قبله يجب الإسراع في إنكاره بإزالته أو تخفيفه.

الثالثة: أن يزول ويحل محله منكر آخر مثله، فهذا محل اجتهاد ونظر، فإن رأى في اجتهاده أن المنكر الذي يحل محله أقل منه وأيسر قام بإنكار هذا المنكر وسعى في إزالته ولو ترتب عليه شيء أخف منه في اعتقاده وإلا توقف.

الحالة الرابعة: أن يزول المنكر ولكن يأتي شر منه، فهذا لا يجوز إنكاره لما يترتب على إنكاره من وجود ما هو شر منه. كأن تنهى عن معصية ويقع بسبب ذلك الشرك الأكبر أو تنهى عن شرب المسكر فيقع بسبب ذلك القتل.

وقد نبه العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه: إغاثة اللهفان على هذه المراتب الأربع، ومن تأمل نصوص الكتاب والسنة عرف صحة ذلك ومن ذلك قول الله عز وجل: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} (١) الآية من سورة الأنعام. والمقصود أن الآمر والناهي ينظر ما هو أقرب إلى الخير وما هو أكثر خيرا وما هو أقل شرا.

ومما يتعلق بهذا الموضوع عدم الاشتغال بعيوب الناس عامة كبيرة أو صغيرة، بل يشتغل بالمنكرات الموجودة يحذر من وجودها، ويدعو إلى القضاء عليها وإنكارها بالحكمة والأسلوب الحسن حتى يقضي عليها، فيذكر المنكر الموجود بين الناس، ويدعو الهيئة


(١) سورة الأنعام الآية ١٠٨

<<  <  ج: ص:  >  >>