للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فللعباد إرادة، ولهم مشيئة، وهم فاعلون حقيقة والله خالق أفعالهم، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (١) وقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (٢) وقال تعالى: {إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ} (٣) فالعبد له فعل وله صنع وله عمل، والله سبحانه هو خالقه وخالق فعله وصنعه وعمله، وقال عز وجل: {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} (٤) {وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} (٥) وقال سبحانه: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} (٦) {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (٧) فكل إنسان له مشيئة، وله إرادة، وله عمل، وله صنع، وله اختيار؛ ولهذا كلف، فهو مأمور بطاعة الله ورسوله، وبترك ما نهى الله عنه ورسوله، مأمور بفعل الواجبات، وترك المحرمات، مأمور بأن يعدل مع إخوانه ولا يظلم، فهو مأمور بهذه الأشياء، وله قدرة، وله اختيار، وله إرادة؛ فهو المصلي، وهو الصائم، وهو الزاني، وهو السارق، وهكذا في جميع الأفعال؛ هو الآكل، وهو الشارب.

فهو مسئول عن جميع هذه الأشياء؛ لأن له اختيارا وله مشيئة، فهو مخير من هذه الحيثية؛ لأن الله أعطاه عقلا وإرادة ومشيئة وفعلا، فهو ميسر ومخير، مسير من جهة ما مضى من قدر الله، فعليه أن يراعي القدر فيقول: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (٨) إذا أصابه شيء مما يكره، ويقول: قدر الله وما شاء فعل، يتعزى بقدر الله، وعليه أن


(١) سورة المائدة الآية ٨
(٢) سورة النور الآية ٣٠
(٣) سورة النمل الآية ٨٨
(٤) سورة المدثر الآية ٥٥
(٥) سورة المدثر الآية ٥٦
(٦) سورة التكوير الآية ٢٨
(٧) سورة التكوير الآية ٢٩
(٨) سورة البقرة الآية ١٥٦

<<  <  ج: ص:  >  >>