للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إضاعة أمر الله، وعدم إنكار المنكر، وعدم الأمر بالمعروف، أنه متوعد بأن يصيبه ما أصاب أولئك، فإن القوم إنما أصيبوا بأفعالهم السيئة، لا بأنسابهم ولا بأموالهم، بل أصيبوا بأفعالهم المنكرة، ولعنوا وغضب عليهم بأعمالهم القبيحة. فمن فعل فعلهم، وشاركهم في هذه المعاصي استحق مثل عقوبتهم، واستحق من الوعيد بمثل ما استحقوا، فإن الجزاء إنما هو على الأعمال، لا على الأنساب والأموال، ولكن على الأعمال، وعنادهم للحق على بصيرة.

فمن شاركهم في هذا، وعمل كأعمالهم استحق من العقوبات بمثل ما استحقوا من غضب الله وعقابه جل وعلا.

وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يغار لمحارم الله، وينتقم لله، ويغضب لله، وما كان يغضب - صلى الله عليه وسلم - لنفسه، وما ذاك إلا لأن ظهور المعاصي والتساهل بها من أعظم الأسباب في اختلال الأمن، وفساد القلوب، وفساد المجتمع، وغضب الله سبحانه، والعذاب العاجل والآجل، فكان - عليه الصلاة والسلام - أحرص الناس على إقامة أمر الله في أرضه سبحانه. وكان أنصح الناس للناس - عليه الصلاة والسلام -، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: «الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم (١) » «وبايع - صلى الله عليه وسلم - أصحابه - رضي الله عنهم - وأرضاهم، على أن ألا يشركوا بالله شيئا ولا يسرقوا ولا يزنوا ولا يقتلوا أولادهم (٢) » . إلى آخر ما جاء في البيعة المعروفة.

وبايعه جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه وأرضاه -، على شهادة أن لا إلله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقامة الصلاة


(١) صحيح مسلم الإيمان (٥٥) ، سنن النسائي البيعة (٤١٩٨) ، سنن أبو داود الأدب (٤٩٤٤) ، مسند أحمد بن حنبل (٤/١٠٢) .
(٢) صحيح البخاري الإيمان (١٨) ، صحيح مسلم الحدود (١٧٠٩) ، سنن الترمذي الحدود (١٤٣٩) ، سنن النسائي البيعة (٤١٦٢) ، مسند أحمد بن حنبل (٥/٣٢٣) ، سنن الدارمي السير (٢٤٥٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>