للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم، إلى غير ذلك مما جاء عنه - عليه الصلاة والسلام -، من الأوامر بالتزام أمر الله، والوقوف عند حدوده، والحذر من محارمه، وبيان الوعيد لمن تعدى الحدود، أو أخل بالأمن، أو ارتكب المحارم. ومن ذلك قصة المخزومية لما سرقت وأمر بقطع يدها، عظم ذلك على قريش بمكة، وقالوا: من يشفع فيها عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فطلبوا من أسامة بن زيد أن يتقدم إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليعفوا عنها ولا يقطعها. فغضب - عليه الصلاة والسلام - عند ذلك، وقال: «أتشفع في حد من حدود الله؟ ثم خطب الناس فقال: إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها (١) » .

فبين - عليه الصلاة والسلام - أن إقامة الحدود من أهم المهمات، وأنه لا يجوز لأحد الشفاعة في ذلك بعد بلوغها السلطان، بل يجب أن تنفذ الحدود إذا بلغت السلطان حتى يكون ذلك رادعا للناس عن محارم الله، وسببا لاستقامتهم على أمره، وقيامهم بحقه سبحانه وتعالى.

«ولما استوبأ أناس من العرنيين المدينة قدموا إليها مهاجرين، أمرهم - صلى الله عليه وسلم - أن يخرجوا مع الإبل: إبل الصدقة وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها ليزول عنهم بذلك ما أصابهم من الوباء، فخرجوا إلى هناك، فلما صحوا وزال عنهم ما بهم من الأذى، قتلوا راعي النبي - صلى الله عليه وسلم -، واستاقوا النعم وسمروا عين الراعي، فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - في آثارهم سرية تتبع آثارهم حتى أدركوهم فجاءوا بهم


(١) صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (٣٤٧٥) ، صحيح مسلم الحدود (١٦٨٨) ، سنن الترمذي الحدود (١٤٣٠) ، سنن النسائي قطع السارق (٤٨٩٨) ، سنن أبو داود الحدود (٤٣٧٣) ، سنن ابن ماجه الحدود (٢٥٤٧) ، مسند أحمد بن حنبل (٦/١٦٢) ، سنن الدارمي الحدود (٢٣٠٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>