وقال محمد بن إدريس الشافعي: ليس للإمام إيقافها وإنما يلزمه قسمتها؛ فإن اتفق المسلمون على إيقافها ورضوا ألا تقسم جاز ذلك. واحتج من ذهب إلى هذا القول بما روي أن عمر بن الخطاب قسم أرض السواد بين غانميها وحازوها؛ ثم استنزلهم بعد ذلك عنها واسترضاهم منها ووقفها. فأما الأحاديث التي تقدمت بأن عمر لم يقسمها فإنها محمولة على أنه امتنع من إمضاء القسم واستدامته بأن انتزع الأرض من أيديهم، أو أنه لم يقسم بعض السواد وقسم بعضه ثم رجع فيه.
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري، قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، قال: حدثنا الحسن بن علي بن عفان، قال: حدثنا يحيى بن آدم، قال: حدثنا ابن أبي زائدة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: كنا ربع الناس يوم القادسية، فأعطانا عمر ربع السواد، فأخذناه ثلاث سنين، ثم وفد جرير إلى عمر بعد ذلك، فقال: أما والله، لولا أني قاسم مسؤول لكنتم على ما قسم لكم، فأرى أن ترده على المسلمين؛ ففعل، وأجازه بثمانين دينارا.
أخبرنا الحسن بن أبي بكر، قال: أخبرنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم البغوي، قال: أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال: أخبرنا أبو عبيد القاسم بن سلام، قال: حدثنا هشيم، عن إسماعيل، عن قيس، قال: قالت امرأة من بجيلة يقال لها أم كرز لعمر: يا أمير المؤمنين، إن أبي هلك وسهمه ثابت في السواد وإني لم أسلمه فقال لها: يا أم كرز إن قومك قد صنعوا ما قد علمت. قالت: إن كانوا صنعوا ما صنعوا فإني لست أسلم حتى تحملني على ناقة ذلول عليها قطيفة حمراء وتملأ كفي ذهبا. قال: ففعل عمر ذلك.