أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران المعدل، قال: حدثنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار، قال: حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال: حدثنا يحيى بن آدم، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، قال: كتب عمر إلى سعد حين افتتح العراق: أما بعد، فقد بلغني كتابك تذكر أن الناس سألوك أن تقسم بينهم مغانمهم وما أفاء الله عليهم؛ فإذا أتاك كتابي هذا فانظر ما أجلب الناس به عليك إلى العسكر من كراع أو مال فاقسمه بين من حضر من المسلمين، واترك الأرضين والأنهار لعمالها ليكون ذلك في أعطيات المسلمين؛ فإنك إن قسمتها بين من حضر لم يكن لمن بقي بعدهم شيء.
قلت: اختلف الفقهاء في الأرض التي يغنمها المسلمون ويقهرون العدو عليها؛ فذهب بعضهم إلى أن الإمام بالخيار بين أن يقسمها على خمسة أسهم، فيعزل منها السهم الذي ذكره الله تعالى في آية الغنيمة، فقال: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ﴾ الآية، ويقسم السهام الأربعة الباقية بين الذين افتتحوها؛ فإن لم يختر ذلك وقف جميعها كما فعل عمر بن الخطاب في أرض السواد. وممن ذهب إلى هذا القول: سفيان بن سعيد الثوري، وأبو حنيفة النعمان بن ثابت.
وقال مالك بن أنس: تصير الأرض وقفا بنفس الاغتنام، ولا خيار فيها للإمام.