شيء أكتب لك فيه؟ فجاءني بهذه القطعة الجراب، فأخذت عودا من الزناد الذي كان بين يديه فكتبت له هذا الكتاب، وختمته بهذا الخاتم، وأمرته أن يجيء، ويسأل عن الربيع فيدفعها إليه، فإذا في الرقعة خمسمائة ألف درهم، فقال: والله ما أردت إلا خمسين ألف درهم، ولكن جرت بخمسمائة ألف درهم، لا أنقص والله منها درهما واحدا، ولو لم يكن في بيت المال غيرها، احملوها معه.
فما كان إلا قليلا حتى كثرت إبله وشاؤه، وصار منزلا من المنازل ينزله الناس ممن أراد الحج من الأنبار إلى مكة، وسمي منزل مضيف أمير المؤمنين المهدي.
أخبرني أبو القاسم الأزهري، قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال: وخرج المهدي يوما إلى الصيد، فانقطع عن خاصته فدفع فرسه إلى أعرابي، وهو يريد البول، فقال: يا أعرابي احفظ علي فرسي حتى أبول، فسعى نحوه وأخذ بركابه، فنزل المهدي ودفع الفرس إليه، فأقبل الأعرابي على السرج يقلع حليته، وفطن المهدي، وقد أخذ حاجته، فقدم إليه فرسه وجاءت الخيل نحوه، وأحاطت به، ونذر بها الأعرابي فولى هاربا، فأمر برده، فقال، وخاف أن يكون قد غمز به: خذوا ما أخذنا منكم، ودعونا نذهب إلى حرق الله وناره، فقال المهدي، وصاح به: تعال لا بأس عليك، فقال: ما تشاء جعلني الله فداء فرسك، فضحك من حضره، وقالوا: ويلك، هل رأيت إنسانا قط قال هذا؟! قال: فما أقول؟ قالوا: قل: جعلني الله فداك يا أمير المؤمنين، قال: أوهذا أمير المؤمنين؟ قالوا: نعم، قال: والله لئن أرضاه هذا مني ما يرضيني ذاك فيه، ولكن جعل الله جبريل