وميكائيل فداءه وجعلني فداءهما، فضحك المهدي واستطابه، وأمر له بعشرة آلاف درهم، فأخذها وانصرف.
قال ابن عرفة: وبلغني أن المهدي لما فرغ من بناء عيسى باذ ركب في جماعة يسير لينظر، فدخله مفاجأة، وأخرج من كان هناك من الناس، وبقي رجلان خفيا عن أبصار الأعوان، فرأى المهدي أحدهما، وهو دهش ما يعقل، فقال: من أنت؟ قال: أنا أنا أنا، قال: ويلك من أنت؟ قال: لا أدري، قال: ألك حاجة؟ قال: لا لا، قال: أخرجوه أخرج الله نفسه، فدفع في قفاه، فلما خرج قال لغلام له: اتبعه من حيث لا يعلم، فاسأل عن أمره ومهنته، فإني إخاله حائكا، فخرج الغلام يقفوه، ثم رأى الآخر فاستنطقه، فأجابه بقلب جرئ ولسان منبسط، فقال: من أنت؟ فقال: رجل من أبناء رجال دعوتك، قال: فما جاء بك إلى هاهنا؟ قال: جئت لأنظر إلى هذا البناء الحسن، فأتمتع بالنظر، وأكثر الدعاء لأمير المؤمنين بطول المدة وتمام النعمة ونماء العز والسلامة، قال: أفلك حاجة؟ قال: نعم، خطبت ابنة عمي فردني أبوها، وقال: لا مال لك، والناس يرغبون في الأموال، وأنا بها مشغوف، ولها وامق، قال: قد أمرت لك بخمسين ألف درهم، قال: جعلني الله فداءك يا أمير المؤمنين، قد وصلت فأجزلت الصلة، ومننت فأعظمت المنة، فجعل الله باقي عمرك أكثر من ماضيه، وآخر أيامك خيرا من أولها، وأمتعك بما أنعم به، وأمتع رعيتك بك، فأمر أن تعجل له صلته، ووجه ببعض خاصته معه، وقال: سل عن مهنته فإني إخاله كاتبا. فرجع الرسولان معا، فقال الأول: وجدت الأول حائكا، وقال الآخر: وجدت الرجل كاتبا، فقال المهدي: لم تخف علي مخاطبة الكاتب والحائك.
أخبرنا محمد بن علي بن مخلد الوراق، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمران، قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: قال عمرو بن أبي عمرو الأعجمي: اعترضت امرأة المهدي، فقالت: يا عصبة رسول الله ﷺ، انظر في