الصلاة في الصحن العتيق الذي هو الجامع حتى زيد فيه الدار المعروفة بالقطان، وكانت قديما ديوانا للمنصور. فأمر مفلح التركي ببنائها على يد صاحبه القطان فنسبت إليه، وجعلت مصلى للناس وذلك في سنة ستين أو إحدى وستين ومائتين. ثم زاد المعتضد بالله الصحن الأول، وهو قصر المنصور، ووصله بالجامع، وفتح بين القصر والجامع العتيق في الجدار سبعة عشر طاقا؛ منها إلى الصحن ثلاثة عشر، وإلى الأروقة أربعة، وحول المنبر والمحراب والمقصورة إلى المسجد الجديد.
أنبأنا إبراهيم بن مخلد، قال: أخبرنا إسماعيل بن علي، قال: وأخبر أمير المؤمنين المعتضد بالله بضيق المسجد الجامع بالجانب الغربي من مدينة السلام في مدينة المنصور، وأن الناس يضطرهم الضيق إلى أن يصلوا في المواضع التي لا تجوز في مثلها الصلاة، فأمر بالزيادة فيه من قصر أمير المؤمنين المنصور، فبني مسجد على مثال المسجد الأول في مقداره أو نحوه، ثم فتح في صدر المسجد العتيق ووصل به فاتسع به الناس. وكان الفراغ من بنائه والصلاة فيه في سنة ثمانين ومائتين.
قلت: وزاد بدر مولى المعتضد من قصر المنصور المسقطات المعروفة بالبدرية في ذلك الوقت.
وأما المسجد الجامع بالرصافة فإن المهدي بناه في أول خلافته؛ أخبرنا بذلك محمد بن الحسين بن الفضل القطان، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه، قال: حدثنا يعقوب بن سفيان، قال: سنة تسع وخمسين ومائة فيها بنى المهدي المسجد الذي بالرصافة.
فلم تكن صلاة الجمعة تقام بمدينة السلام إلا في مسجدي المدينة والرصافة إلى وقت خلافة المعتضد. فلما استخلف المعتضد أمر بعمارة القصر المعروف بالحسني على دجلة في سنة ثمانين ومائتين وأنفق عليه مالا عظيما،