للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهو القصر المرسوم بدار الخلافة، وأمر ببناء مطامير في القصر رسمها هو للصناع، فبنيت بناء لم ير مثله على غاية ما يكون من الإحكام والضيق، وجعلها محابس للأعداء، وكان الناس يصلون الجمعة في الدار، وليس هناك رسم لمسجد، وإنما يؤذن للناس في الدخول وقت الصلاة ويخرجون عند انقضائها. فلما استخلف المكتفي في سنة تسع وثمانين ومائتين، ترك القصر وأمر بهدم المطامير التي كان المعتضد بناها، وأمر أن يجعل موضعها مسجد جامع في داره يصلي فيه الناس، فعمل ذلك وصار الناس يبكرون إلى المسجد الجامع في الدار يوم الجمعة فلا يمنعون من دخوله، ويقيمون فيه إلى آخر النهار. وحصل ذلك رسما باقيا إلى الآن، واستقرت صلاة الجمعة ببغداد في المساجد الثلاثة التي ذكرناها إلى وقت خلافة المتقي.

وكان في الموضع المعروف ببراثا مسجد يجتمع فيه قوم ممن ينسب إلى التشيع ويقصدونه للصلاة والجلوس فيه، فرفع إلى المقتدر أن الرافضة يجتمعون في ذلك المسجد لسب الصحابة والخروج عن الطاعة، فأمر بكبسه يوم جمعة وقت الصلاة، فكبس وأخذ من وجد فيه فعوقبوا، وحبسوا حبسا طويلا، وهدم المسجد حتى سوي بالأرض، وعفي رسمه، ووصل بالمقبرة التي تليه، ومكث خرابا إلى سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، فأمر الأمير بجكم بإعادة بنائه وتوسعته وإحكامه، فبني بالجص والآجر وسقف بالساج المنقوش، ووسع فيه ببعض ما يليه مما ابتيع له من أملاك الناس، وكتب في صدره اسم الراضي بالله. وكان الناس ينتابونه للصلاة فيه والتبرك به. ثم أمر المتقي لله بعده بنصب منبر فيه كان في مسجد مدينة المنصور معطلا مخبوءا في خزانة المسجد عليه اسم هارون الرشيد، فنصب في قبلة المسجد، وتقدم إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>