من أهل الشام، فسأله عن الرجفة، فأقبل يحدثه وهو يستمع لقوله، فلما قضى حديثه، وكان ذلك اليوم يوم إفطاره، قلت له: قم تغد، قال: دعه اليوم، قال: فسرد من ذلك اليوم إلى أن مات، وكان شديد الحال يتعشى بالخبز والزيت، وكان له طيلسان وقميص، فكان يشتو فيه ويصيف، وكان من رجال الناس صرامة وقولا بالحق، وكان يتشبب في حداثته حتى كبر وطلب الحديث، وقال: لو طلبته وأنا صغير كنت أدركت مشايخ فرطت فيهم، وكنت أتهاون بهذا الأمر حتى كبرت وعقلت، وكان يحفظ حديثه، لم يكن له كتاب، ولا شيء ينظر فيه، ولا له حديث مثبت في شيء.
أخبرنا ابن الفضل القطان قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر، قال: حدثنا يعقوب بن سفيان، قال: حدثني الفضل بن زياد، عن أحمد بن حنبل قال: بلغ ابن أبي ذئب أن مالكا لم يأخذ بحديث البيعين بالخيار، فقال: يستتاب وإلا ضربت عنقه.
قال: ومالك لم يرد الحديث، ولكن تأوله على غير ذلك، فقال شامي: من أعلم مالك أو ابن أبي ذئب؟ فقال: ابن أبي ذئب في هذا أكبر من مالك، وابن أبي ذئب أصلح في بدنه، وأورع ورعا، وأقوم بالحق من مالك عند السلاطين، وقد دخل ابن أبي ذئب على أبي جعفر فلم يهله أن قال له الحق، قال: الظلم فاش ببابك، وأبو جعفر! أبو جعفر!