المحن، فخرب عمرانها، وانتقل قطانها، إلا أنها كانت قبل وقتنا والسابق لعصرنا على ما بها من الاختلال والتناقص في جميع الأحوال، مباينة لجميع الأمصار، ومخالفة لسائر الديار.
ولقد حدثني القاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، قال: أخبرني أبي، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن صالح الهاشمي في سنة ستين وثلاثمائة، قال: أخبرني رجل يبيع سويق الحمص منفردا به، وأسماه وأنسيته، أنه حصر ما يعمل في سوقه من هذا السويق كل سنة؛ فكان مائة وأربعين كرا، يكون حمصا مائتين وثمانين كرا، يخرج في كل سنة حتى لا يبقى منه شيء، ويستأنف عمل ذلك للسنة الأخرى. قال: وسويق الحمص غير طيب، وإنما يأكله المتجملون والضعفاء شهرين أو ثلاثة عند عدم الفواكه؛ ومن لا يأكله من الناس أكثر.
قلت: ولو طلب من هذا السويق اليوم في جانبي بغداد مكوك واحد ما وجد.
أخبرنا محمد بن علي الوراق وأحمد بن علي المحتسب؛ قالا: أخبرنا محمد بن جعفر النحوي، قال: حدثنا الحسن بن محمد السكوني، قال: حدثنا محمد بن خلف، قال: قال أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر: أخذ الطول من الجانب الشرقي من بغداد لأبي أحمد، يعني الموفق بالله، عند دخوله مدينة السلام؛ فوجد مائتي حبل وخمسين حبلا وعرضه مائة وخمسة أحبل، فيكون ستة وعشرين ألف جريب ومائتين وخمسين جريبا؛ ووجد الجانب الغربي طوله