ما قال، فتضاحكنا، وأتممنا المجلس وانصرفنا، فلما كان بعد شهور ذكرنا الحديث فوضعنا رجلا غير ذلك، فسأله فقال: ما القنطزة؟ فقال: أليس قد سئلت عن هذه المسألة منذ كذا وكذا شهرا، فقلت: هي كذا؟! قال: فما درينا من أي الأمرين نعجب: من ذكائه، إن كان علما فهو اتساع طريق، وإن كان كذبا عمله في الحال، ثم قد حفظه، فلما سئل عنه ذكر الوقت والمسألة، فأجاب بذلك الجواب، فهو أظرف.
قال أبي: وكان معز الدولة قد قلد شرطة بغداد غلاما له مملوكا تركيا، يعرف بخواجا، فبلغ أبا عمر الخبر، وكان يملي كتاب الياقوتة، فلما جاؤوه قال اكتبوا: ياقوته خواجا، الخواج: في أصل لغة العرب الجوع، ثم فرع على هذا بابا. وأملاه، فاستعظم الناس ذلك من كذبه، وتتبعوه، فقال لي أبو علي الحاتمي، وهو من بعض أصحابه: أخرجنا في أمالي الحامض، عن ثعلب، عن ابن الأعرابي: الخواج الجوع. وهو أخبرني هذا الخبر.
حكى لي رئيس الرؤساء شرف الو راء أبو القاسم علي بن الحسن عمن حدثه أن أبا عمر الزاهد كان يؤدب ولد القاضي أبي عمر محمد بن يوسف، فأملى يوما على الغلام نحوا من ثلاثين مسألة في اللغة، وذكر غريبها،