وختمها ببيتين من الشعر، وحضر أبو بكر بن دريد، وأبو بكر بن الأنباري، وأبو بكر بن مقسم عند أبي عمر القاضي، فعرض عليهم تلك المسائل، فما عرفوا منها شيئا، وأنكروا الشعر، فقال لهم القاضي: ما تقولون فيها؟ فقال له ابن الأنباري: أنا مشغول بتصنيف مشكل القرآن، ولست أقول شيئا.
وقال ابن مقسم مثل ذلك، واحتج باشتغاله بالقراءات.
وقال ابن دريد: هذه المسائل من موضوعات أبي عمر، ولا أصل لشيء منها في اللغة. وانصرفوا، وبلغ أبا عمر ذلك فاجتمع مع القاضي، وسأله إحضار دواوين جماعة من قدماء الشعراء عينهم له، ففتح القاضي خزانته، وأخرج له تلك الدواوين، فلم يزل أبو عمر يعمد إلى كل مسألة، ويخرج لها شاهدا من بعض تلك الدواوين، ويعرضه على القاضي حتى استوفى جميعها، ثم قال: وهذان البيتان أنشدناهما ثعلب بحضرة القاضي، وكتبهما القاضي بخطه على ظهر الكتاب الفلاني، فأحضر القاضي الكتاب فوجد البيتين على ظهره بخطه، كما ذكر أبو عمر. وانتهت القصة إلى ابن دريد، فلم يذكر أبا عمر بلفظة حتى مات.
قال رئيس الرؤساء: وقد رأيت أشياء كثيرة مما استنكر على أبي عمر، ونسب إلى الكذب فيها مدونة في كتب أئمة أهل العلم، وخاصة في غريب المصنف لأبي عبيد. أو كما قال.
سمعت أبا القاسم عبد الواحد بن علي بن برهان الأسدي يقول: لم يتكلم في علم اللغة أحد من الأولين والآخرين أحسن من كلام أبي عمر الزاهد. قال: وله كتاب غريب الحديث، صنفه على مسند أحمد بن حنبل، وجعل