شهادة أبي علي له أنه لم ير في البغداديين أحفظ منه وقد رأى يحيى بن صاعد وأبا طالب أحمد بن نصر وأبا بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري، وعامة أهل ذلك العصر، وكان أبو علي قد انتهى إليه الحفظ عن الخراسانيين مع اشتهاره بالورع والديانة والصدق والأمانة. وأما أبو إسحاق بن حمزة فمحله عند الأصبهانيين يفوق على كل من عاصره، ولقد حدثني أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن علي السوذرجاني بأصبهان قال: سمعت أبا عبد الله بن منده يقول: كتبت عن ألف شيخ لم أر فيهم أحفظ من إبراهيم بن حمزة.
حدثني أبو الوليد الحسن بن محمد الدربندي من أصل كتابه قال: سمعت محمد بن الحسين بن الفضل القطان يقول: سمعت أبا بكر ابن الجعابي يقول: دخلت الرقة فكان لي ثَم قمطران كتبا، فأنفذت غلامي إلى ذلك الرجل الذي كتبي عنده، فرجع الغلام مغموما فقال: ضاعت الكتب. فقلت: يا بني لا تغتم، فإن فيها مائتي ألف حديث لا يشكل علي منها حديث لا إسنادا ولا متنا.
حدثنا علي بن أبي علي المعدل، عن أبيه، قال: ما شاهدنا أحفظ من أبي بكر ابن الجعابي، وسمعت من يقول: إنه يحفظ مائتي ألف حديث ويجيب في مثلها، إلا أنه كان يفضل الحفاظ فإنه كان يسوق المتون بألفاظها، وأكثر الحفاظ يتسمحون في ذلك وإن أثبتوا المتن وإلا ذكروا لفظة منه أو طرفا وقالوا، وذكر الحديث، وكان يزيد عليهم بحفظه المقطوع والمرسل والحكايات والأخبار، ولعله كان يحفظ من هذا قريبا مما يحفظ من الحديث المسند الذي يتفاخر الحفاظ بحفظه، وكان إماما في المعرفة بعلل الحديث وثقات الرجال من معتليهم وضعفائهم وأسمائهم وأنسابهم وكناهم ومواليدهم وأوقات