وفاتهم ومذاهبهم، وما يطعن به على كل واحد، وما يوصف به من السداد، وكان في آخر عمره قد انتهى هذا العلم إليه حتى لم يبق في زمانه من يتقدمه فيه في الدنيا.
حدثني رفيقي علي بن عبد الغالب الضراب، قال: سمعت أبا الحسن ابن رزقويه يقول: كان ابن الجعابي يملي مجلسه فتمتلئ السكة التي يملي فيها والطريق، ويحضره ابن مظفر والدارقطني ولم يكن الجعابي يملي الأحاديث كلها بطرقها إلا من حفظه.
حدثني الحسن بن محمد الأشقر البلخي، قال: سمعت القاضي أبا عمر القاسم بن جعفر الهاشمي غير مرة يقول: سمعت الجعابي يقول: أحفظ أربعمائة ألف حديث، وأذاكر بستمائة ألف حديث.
أخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد النيسابوري، وذكر ابن الجعابي، فقال: سمعت أبا علي الحافظ، يقول: ما رأيت من البغداديين أحفظ منه.
وقال أيضا: سمعت أبا علي يقول: ما رأينا من أصحابنا أحرص على العلم من أبي بكر الجعابي ذاكرته بأحاديث لعبد الله بن محمد الدينوري فقال: يا أبا علي صاحبك ما انتخبت عليه من حديثه؟ قلت: نعم. فاستعارها مني فأعرته إياها، فتخلف عن المجلس أياما، فسألت عنه فقالوا: قد خرج. فما كان إلا بعد أيام حتى جاء فسئل عن غيبته، فقال: إن أبا علي ذكر لي عن عبد الله بن وهب الدينوري أحاديث لم أصبر عنها فخرجت إلى الدينور وسمعتها وانصرفت، ثم قال أبو علي الذي كان انتخبه أبو بكر ابن الجعابي لنفسه عليه كان أحسن من الذي أخذه مني.