واسطا، فقلده إسماعيل وانحدر. فاحتاج الموفق يوما إلى مشاورة الحاكم فيما يشاور في مثله، فقال: استدعوا القاضي، فحضر وكان قصيرا له دنية طويلة، فدخل في بعض الممرات ومعه غلام له، فلقيه غلام كان للموفق، وكان شديد التقدم عنده، وكان مخمورا أو سكران، فصادفه في مكان خال من الممر فوضع يده في دنيته حتى غاص رأسه فيها وتركه ومضى، فجلس الجذوعي في مكانه وأقبل غلامه حتى فتقها وأخرج رأسه منها وثنى رداءه على رأسه وعاد إلى داره، وأحضر الشهود فأمرهم بتسليم الديوان، ورسل الموفق يترددون، وقد سترت الحال عنه حتى قال بعض الشهود لبعض الرسل الخبر، فعاد إلى الموفق فأخبره بذلك. فأحضر صاحب الشرطة وأمره بتجريد الغلام وحمله إلى باب دار القاضي وضربه هناك ألف سوط. وكان والد هذا الغلام من جلة القواد ومحله محل من لو هم بالعصيان لأطاعه أكثر الجيش، فلم يقل شيئا وترجل القواد وصاروا إليه وقالوا: مرنا بأمرك، فقال: إن الأمير الموفق أشفق عليه مني. فمشى القواد بأسرهم مع الغلام إلى باب الجذوعي فدخلوا عليه وضرعوا له، فأدخل صاحب الشرطة والغلام. فقال: لا تضربه. فقال: لا أقدم على خلاف الموفق. فقال: إني أركب إليه وأزيل ذلك عنه، فركب فشفع له وصفح عنه.
أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق، قال: أخبرنا إسماعيل بن علي الخطبي، قال: ومات أبو عبد الله محمد بن محمد الجذوعي القاضي في جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين ومائتين.