إلي ويقول: يا أبا عبد الله، عض ساعدي بأكثر قوتك. فأقول: والله يا أمير المؤمنين ما تطيب نفسي بذلك. فيقول: إنه لا يضرني فأروم ذلك. فإذا هو لا تعمل فيه الأسنة فضلا عن الأسنان، وانصرف يوما من دار المأمون إلى داره وكان شارع الميدان منتظما بالخيم فيها الجند فمر المعتصم بامرأة تبكي وتقول: ابني ابني، وإذا بعض الجند قد أخذ ابنها، فدعاه المعتصم وأمره أن يرد ابنها عليها فأبى فاستدناه فدنى منه فقبض عليه بيده، فسمع صوت عظامه ثم أطلقه من يده فسقط، وأمر بإخراج الصبي إلى أمه.
أخبرنا الأزهري، قال: أخبرنا محمد بن العباس الخزاز، قال: حدثنا علان بن أحمد الرزاز، قال: حدثنا علي بن أحمد بن العباس الجاماسبي، قال: حدثنا أبو الحسن الطويل، قال: سمعت عيسى بن أبان بن صدقة، عن علي بن يحيى المنجم، قال: لما أن استتم المعتصم عدة غلمانه الأتراك بضعة عشر ألفا وعلق له خمسون ألف مخلاة على فرس وبرذون وبغل، وذلل العدو بكل النواحي، أتته المنية على غفلة فقيل إنه قال في حماه التي مات فيها: ﴿حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾
قلت: ولكثرة عسكر المعتصم وضيق بغداد عنه وتأذي الناس به، بني المعتصم سر من رأى، وانتقل إليها فكسنها بعسكره، وسميت العسكر، وذلك في سنة إحدى وعشرين ومائتين.
أخبرنا علي بن الحسين صاحب العباسي، قال: أخبرنا علي بن الحسن الرازي، قال: أخبرنا الحسين بن القاسم الكوكبي، قال: حدثني جعفر بن هارون، قال: أخبرني أبي، قال: سمعت المعتصم بالله يقول: اللهم إنك تعلم أني أخافك من قبلي ولا أخافك من قبلك، وأرجوك من قبلك ولا أرجوك من قبلي.
أخبرنا علي بن أحمد بن عمر المقرئ، قال: أخبرنا علي بن أحمد بن أبي قيس، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، قال: المعتصم محمد بن هارون بن محمد ولد يوم الإثنين لعشر خلون من شعبان سنة ثمانين ومائة، وبويع يوم