بعمورية: ما تقول يا أبا عبد الله في البسر؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، نحن ببلاد الروم والبسر بالعراق. قال: قد وجهت إلى مدينة السلام فجاؤني بكباستين، وقد علمت أنك تشتهيه. ثم قال: يا إيتاخ، هات إحدى الكباستين. فجاء بكباسة بسر فمد ذراعه وقبض عليها بيده وقال: كل بحياتي عليك من يدي. فقلت: جعلني الله فداك يا أمير المؤمنين، بل تضعها فآكل كما أريد. قال: لا والله، إلا من يدي. فوالله ما زال حاسرا ذراعه ومادا يده وأنا أجتني من العذق حتى رمى به خاليا ما فيه بسرة. قال: وكنت كثيرا ما أزامله في سفره، ذلك إلى أن قلت له يوما: يا أمير المؤمنين، لو زاملك بعض مواليك وبطانتك فاسترحت مني إليهم مرة، ومنهم إلي أخرى، فإن ذلك أنشط لقلبك وأطيب لنفسك، وأشد لراحتك؟ قال: فإن سيما الدمشقي يزاملني اليوم فمن يزاملك أنت؟ قلت: الحسن بن يونس. قال: فأنت وذاك. قال: فدعوت بالحسن فزاملني وتهيأ أن ركب بغلا واختار أن يكون منفردا. قال: وجعل يسير بسير بعيري فإذا أراد أن يكلمني رفع رأسه، وإذا أردت أن أكلمه خفضت رأسي، فانتهينا إلى واد لم نعرف غور مائة، وقد خلفنا العسكر وراءنا فقال لرحالي: مكانك، حتى أتقدم فأعرف غور الماء وأطلب قلته واتبع أنت مسيري. قال: وتقدم رجل فدخل الوادي وجعل يطلب قلة الماء وتبعه المعتصم، فمرة ينحرف عن يمينه وأخرى عن شماله وتارة يمضي لسننه ونتبع أثره حتى قطعنا الوادي.
أخبرني الصيمري، قال: حدثنا محمد بن عمران، قال: حدثني علي بن عبد الله، قال: أخبرني الحسن بن علي بن العباس، عن علي بن الحسين بن عبد الأعلى الإسكافي، قال: قال لنا ابن أبي دؤاد: كان المعتصم يخرج ساعده