حدثني أبو القاسم الأزهري، وعبيد الله بن علي بن عبيد الله الرقي، قالا: حدثنا عبيد الله بن محمد المقرئ، قال: حدثنا محمد بن يحيى النديم، قال: حدثنا عبد الواحد بن العباس بن عبد الواحد، قال: سمعت العباس بن الفرج يقول: كتب ملك الروم إلى المعتصم كتابا يتهدده فيه، فأمر بجوابه، فلما قرئ عليه الجواب لم يرضه، قال للكاتب: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، فقد قرأت كتابك وسمعت خطابك، والجواب ما ترى لا ما تسمع، وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار.
قلت: غزا المعتصم بلاد الروم في سنة ثلاث وعشرين ومائتين، فأنكى في العدو نكاية عظيمة، ونصب على عمورية المجانيق، وأقام عليها حتى فتحها ودخلها فقتل فيها ثلاثين ألفا وسبى مثلهم، وكان في سبيه ستون بطريقا. وطرح النار في عمورية من سائر نواحيها فأحرقها، وجاء ببابها إلى العراق، وهو باق حتى الآن منصوب على أحد الأبواب دار الخلافة، وهو الباب الملاصق مسجد الجامع في القصر.
أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح، قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة، قال: حدثني عبد العزيز بن سليمان بن يحيى بن معاذ، عن أبيه، قال: كنت أنا ويحيى بن أكثم نسير مع المعتصم وهو يريد بلاد الروم. قال: فمررنا براهب في صومعته فوقفنا عليه فقلنا: أيها الراهب أترى هذا الملك يدخل عمورية؟ فقال: لا، إنما يدخلها ملك أكثر أصحابه أولاد زنى. قال: فأتينا المعتصم فأخبرناه، فقال: أنا والله صاحبها، أكثر جندي أولاد زنا، إنما هم أتراك وأعاجم.
أخبرني الحسين بن علي الصيمري، قال: حدثنا محمد بن عمران بن موسى، قال: أخبرني علي بن هارون، قال: أخبرني عبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر، عن أبيه، قال: ذكر ابن أبي دؤاد المعتصم يوما فأسهب في ذكره، وأكثر من وصفه، وأطنب في فضله، وذكر من سعة أخلاقه، وكرم أعراقه، وطيب مركبه، ولين جانبه، وجميل عشرته، ورضى أفعاله، وقال: قال لي يوما ونحن