أنا تائب من كل مذهب خالف التوحيد والإسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، فأمرهم الخليفة، فانصرفوا.
قلت: وكان لابن أبي عوف اختصاص بعبيد الله بن سليمان الوزير، وسبب ذلك ما أخبرنا القاضي علي بن المحسن التنوخي، قال: أخبرني أبي، قال: حدثني القاضي أبو عمر عبيد الله بن الحسين المعروف بابن السمسار، قال: حدثني أبو علي بن إدريس الجمال الشاهد، قال: حدثني أبو عبد الله بن أبي عوف، قال: كان سبب اختصاصي بعبيد الله بن سليمان أني اجتزت يوما في الجامع بالمدينة، فوجدته، وهو ملازم بثلاثمائة دينار في يد غريم له، وهو في عقب النكبة، وكنت أعرف محله عن مودة بيننا، فقلت له: لأي شيء أنت أعزك الله ها هنا جالس وقد مضت الصلاة؟ فقال: ملازم في يد هذا الرجل بثلاثمائة دينار له علي. فسألت الغريم إنظاره، فقال لا أفعل، فقلت: فالمال لك علي، تصير إلي بعد أسبوع حتى أعطيك إياه. فقال: تعطيني خطك بذلك. فاستدعيت دواة ورقعة، وكتبت له ضمانا بذلك إلى شهر، فرضي وانصرف، وقام عبيد الله وأخذ يشكرني، فقلت: تتمم أيدك الله سروري بأن تصير معي إلى منزلي. فحملته، وأركبته حماري، ومشيت خلفه إلى أن دخل داري، فأكلنا ما كان أصلح لي في يوم الجمعة كما تفعل التجار، ونام، فلما انتبه أحضرته كيسا وقلت: لعلك على إضاقة، فأسألك بالله إلا أخذت منه ما شئت. قال: فأخذ منه دنانير، وقام فخرج. فأقبلت امرأتي تلومني وتوبخني، وقالت: ضمنت عنه ما لا تفي به حالك، ولم تقنع إلا بأن أعطيته شيئا آخر! فقلت: يا هذه، فعلت جميلا، وأسديت يدا جليلة إلى رجل حر كريم جليل، من بيت وأصل، فإن نفعني الله بذلك، فله قصدت، وإن تكن الأخرى لم يضع عند الله. ومضى على الحديث مدة، وحل الدين، وجاء الغريم يطالبني، فأشرفت على بيع عقار لي، ودفع ثمنه إليه، ولم أستحسن مطالبة عبيد الله، ودفعت