الرجل بوعد وعدته إلى أيام، فلما كان بعد يومين من هذا الحديث جاءتني رقعة عبيد الله يستدعيني، فجئته، فقال: قد وردت علي غليلة من ضيعة لي أفلتت من البيع في النكبة، ومقدار ثمنها مقدار ما ضمنته عني، فتأخذها وتبيعها، وتصحح ذلك للغريم. فقلت: أفعل، فحمل الغلة إلي فبعتها، وحملت الثمن بأسره إليه، وقلت: أنت مضيق وأنا أدفع الغريم، وأعطيه البعض من عندي، فاتسع أنت بهذا. فجهد أن آخذ منه شيئا، فحلفت أن لا أفعل، ووفرت الثمن عليه. وجاء الغريم فألح فأعطيته من عندي البعض، ودفعت به مديدة، ولم يمض على ذلك إلا شيء يسير حتى ولي عبيد الله الوزارة، فأحضرني من يومه وقام إلي في مجلسه، وجعلني في السماء، فكسبت به من الأموال هذه النعمة التي أنا فيها.
قال علي بن المحسن: وذكر أبو الحسن أحمد بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول أن أباه حدثه، قال: خرجت من حضرة عبيد الله بن سليمان في وزارته أريد الدهليز، فخرج ابن أبي عوف، فصاح البوابون والحجاب والخلق: هاتوا دابة لأبي عبد الله، هاتوا دابة لأبي عبد الله، فحين قدمت دابته ليركب خرج الوزير ليركب، فرآه فتنحى أبو عبد الله بن أبي عوف، وأمر بإبعاد دابته لتقدم دابة الوزير، فحلف الوزير أنه لا يركب، ولا تقدم دابته حتى يركب ابن أبي عوف، قال: فرأيته قائما والناس قيام بقيامه حتى قدمت دابة ابن أبي عوف، فركبها، ثم قدمت دابة الوزير، فركب، وسارا جميعا.
أخبرنا محمد بن عبد الواحد، قال: حدثنا محمد بن العباس، قال: قرئ على ابن المنادي وأنا أسمع، قال: ومات أبو عبد الله أحمد بن عبد الرحمن بن أبي عوف البزوري في شوال سنة سبع وتسعين بعد ما حمل الناس عنه حديثا ليس بالكثير على ستر وأمانة.