إليهم فكانت بينهم مناوشة ولم تكن قتلى ولا جراح، ثم تحاجزوا وساق بقية الحديث.
أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي، قال: أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، قال: حدثنا محمد بن خالد بن خلي الحمصي، قال: حدثنا بشر بن شعيب بن أبي حمزة، عن أبيه، عن الزهري، قال: أخبرني عروة بن الزبير أن المسور بن مخرمة أخبره أنه قدم وافدا على معاوية بن أبي سفيان فقضى حاجته، ثم دعاه فأخلاه، فقال: يا مسور! ما فعل طعنك على الأئمة؟ فقال المسور: دعنا من هذا، وأحسن فيما قدمنا له. قال معاوية: لا، والله لتكلمن بذات نفسك، والذي تعيب علي. قال المسور: فلم أترك شيئا أعيبه عليه إلا بينته له. قال معاوية: لا بريء من الذنب. فهل تعد يا مسور ما نلي من الإصلاح في أمر العامة، فإن الحسنة بعشر أمثالها؟ أم تعد الذنوب وتترك الحسنات؟ قال المسور: لا، والله ما نذكر إلا ما ترى من هذه الذنوب. قال معاوية: فإنا نعترف لله بكل ذنب أذنبناه، فهل لك يا مسور ذنوب في خاصتك تخشى أن تهلكك إن لم يغفرها الله؟ قال مسور: نعم. قال معاوية: فما يجعلك أحق أن ترجو المغفرة مني؟ فوالله لما ألي من الإصلاح أكثر مما تلي، ولكن والله لا أخير بين أمرين، بين الله وبين غيره إلا اخترت الله تعالى على ما سواه، وأنا على دين يقبل الله فيه العمل، ويجزي فيه بالحسنات، ويجزي فيه بالذنوب، إلا أن يعفو عمن يشاء، فأنا احتسب كل حسنة عملتها، بأضعافها وأوازي أمورا عظاما لا أحصيها ولا تحصيها من عمل لله في إقامة صلوات المسلمين، والجهاد في سبيل الله ﷿، والحكم بما أنزل الله تعالى، والأمور التي لست تحصيها وإن عددتها