فاصطف الناس صفوفا، وأتاني ملك عرض وجهه قدر ميل في طول مثل ذلك، فقال: تقدم فصل بالناس، فتأملت وجهه، فإذا بين عينيه مكتوب جبريل أمين الله، قلت: فأين النبي ﷺ، فقال: هو مشغول بنصب الموائد لإخوانه الصوفية، فقلت: وأنا من الصوفية، قيل نعم، ولكن شغلك كثرة الحديث، فكدت أبكي، فإذا بجنيد يشير إلي أن لا تخاف، لا نأكل حتى تجيء، فانتبهت، فيا ليتني صليت، أو أكلت.
أخبرنا محمد بن علي بن يعقوب المعدل، قال: حدثنا عمر بن أحمد بن عثمان الواعظ، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن نصير، قال: حدثني أبو العباس بن مسروق، قال: أصبحت عن مجلس الزعفراني، فجئت وهو يحدث وليس معي محبرة فطلبت من أجلس إليه، فأكتب من محبرته، فرأيت شيخا وشابا جالسين في باب، فجلست إليهما وبينهما محبرة، فاستأذنت الشيخ، فقلت: أكتب من المحبرة، فقال الشيخ للشاب: يا حبيب يكتب من المحبرة، فقال الشاب: يا محب الأمر لك، فقال لي: اكتب، فعجبت من كلامهما، فطأطأت رأسي، فرأيت على المحبرة مكتوبا خرطا:
تمكن في الفؤاد فما يبالي أطال الهجر أم منح الودادا قال: فصحت وأغمي علي، فما أفقت حتى انقضى المجلس.
أخبرنا عبد الكريم بن هوازن، قال: سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول: سمعت محمد بن الحسن البغدادي يقول: سمعت جعفر بن محمد بن نصير يقول: سمعت أبا العباس بن مسروق يقول: قدم علينا شيخ، فكان يتكلم علينا في هذا الشأن بكلام حسن، وكان عذب اللسان، جيد الخاطر، فقال لنا في بعض كلامه: كل ما وقع لكم في خاطركم فقولوه لي، فوقع في قلبي أنه