أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح الفارسي، قال: حدثنا أبو الفضل الزهري، قال: حدثنا أبو الفتح محمد بن عمر الرفاء، قال: سمعت أبا بكر المحري بالنهروان، قال: صليت خلف أبي بكر بن مجاهد صلاة الغداة، فاستفتح بقراءة الحمد، ثم سكت، ثم استفتح ثانية، ثم سكت، ثم ابتدأ بالقراءة، فقلت: أيها الشيخ رأيت اليوم منك عجبا، فقال لي: شهدت المكان، فقلت: نعم، فقال: أشهدتك الله إن حدثت به عني إلى أن أوارى تحت أطباق الثرى، فقال لي: يا بني، ما هو إلا أن كبرت تكبيرة الإحرام حتى كأني بالحجب قد انكشفت ما بيني وبين رب العزة تعالى، سرا بسر، ثم استفتحت بقراءة الحمد، فاستجمع كل حمد لله في كتابه ما بين عيني، فلم أدر بأي الحمد أبتدئ.
أخبرنا أبو علي عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن فضالة النيسابوري الحافظ بالري، قال: سمعت محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني يقول: تقدمت إلى أبي بكر بن مجاهد لأقرأ عليه، فتقدم إليه رجل وافر اللحية، كبير الهامة، فابتدأ ليقرأ، فقال: ترفق يا خليلي، سمعت محمد بن الجهم السمري يقول: سمعت الفراء يقول: أدب النفس، ثم أدب الدرس.
حدثني الأزهري، قال: سمعت عيسى بن علي بن عيسى الوزير يقول: أنشدني أبو بكر من مجاهد، وقد جئته عائدا، وأطال عنده قوم كانوا قد حضروا لعيادته، فقال لي: يا أبا القاسم، عيادة، ثم ماذا، فصرف من حضر، وهممت بالانصراف معهم، فأمرني بالرجوع إليه، ثم أنشدني عن محمد بن الجهم [من البسيط]:
لا تضجرن مريضا جئت عائده إن العيادة يوم إثر يومين بل سله عن حاله وادع الإله له واقعد بقدر فواق بين حلبين من زار غبا أخا دامت مودته وكان ذاك صلاحا للخليلين