حدثني علي بن أبي علي البصري، قال: حدثني أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم القاضي، قال: حدثني أبو بكر ابن الجعابي، قال: كنت يوما عند أبي بكر بن مجاهد في مسجده فأتاه بعض غلمانه، فقال له: يا أستاذ، إن رأيت أن تجملني بحضورك غدا دارنا، فقال له أبو بكر: ومن معنا، فقال له: أصحابنا المسجدية، ومن يرى الشيخ، فقال أبو بكر: ينبغي أن تدعو أبا بكر، يعنيني، فأقبل الفتى علي يسألني، فقلت له: هو ذا تطفل بي، لو أرادني الرجل لأفردني بالسؤال، فقال: دع هذا يا بغيض، فقلت له: السمع والطاعة، فقال لي الرجل: إن الأستاذ قد آثرك، فمن تؤثر أنت أن أدعو لك، فقلت له: الحسين بن غريب، قال: السمع والطاعة، ونهض الفتى، فلما كان من الغد وافى إلى مسجد أبي بكر، فسألنا النهوض معه إلى منزله، فقال أبو بكر لأصحابه: قوموا وامضوا متقطعين، وخالفوا الطرق، ففعلوا، ثم أقبل على الفتى، فقال له: اسبقنا، فإني أنا وأبو بكر نجيئك، فقلت أنا له: أيش عملت في إحضار ابن غريب، فقال لي: قد أخذت الوعد عليه من أمس، وأنا أنفذ إليه رسولا ثانيا، ومضى، وجلس أبو بكر ففرغ من شغيلات له، ثم إنا نهضنا جميعا وعبرنا الجانب الغربي وصعدنا درب النخلة، وكانت دار الفتى فيه، فوجدناه مترقبا لنا، فدخلنا، فدعا بماء، فغسلنا أيدينا، ثم أتى بجونة فوضعها بين أيدينا، فقلت في نفسي: ما أزرى مروءة هذا الفتى، أيش في الجونة مما يعمنا، ففتحها، فإذا فيها بزماورد، وأوساط، ولفات، وسنبوسج، فأكلنا أكلا عظيما مفرطا، والجونة على حالها، وما فيها من هذا الطعام على غاية الكثرة والوفور، وشلنا أيدينا، فاستدعى الحلوى، فأتى بفالوذج غرف حار بماء ورد على مائدة كبيرة، فاستكثرنا منه، فعجبت من ظرف طعامه، ونظافته وطيبه وحسنه، وتمام مروءته من غير إجحاف، ولا إسراف، وغسلنا أيدينا، فقلت له: أين ابن غريب، فقال لي: عند بعض الرؤساء، وقد حال بيننا وبينه، فشق علي