وتبين أبو بكر بن مجاهد ذلك مني، فقال لي: هاهنا من ينوب عن ابن غريب فتحدثنا ساعة، فقلت له: ما أرى للنائب عن ابن غريب خبرا، ولا أثرا، فدافعني فصبرت ساعة، ثم كررت الخطاب عليه وألححت، ولست أعلم من هو النائب بالحقيقة عن ابن غريب، فقال للفتى: هات قضيبا، فأتاه به، فأخذه أبو بكر، ووقع واندفع يغني، فغناني نيفا وأربعين صوتا في غاية الحسن، والطيبة، والإطراب، فأشجاني وحيرني، فقلت له: يا أستاذ متى تعلمت هذا، وكيف تعلمته، فقال: يا بارد تعلمته لبغيض مثلك لا يحضر الدعوة إلا بمغن، ومضى لنا يوم طيب معه.
حدثني أبو الفضل محمد بن عبد العزيز بن المهدي الخطيب، قال: سمعت الحسين بن محمد بن خلف المقرئ جارنا يقول: سمعت أبا الفضل الزهري يقول: انتبه أبي في الليلة التي مات فيها أبو بكر بن مجاهد المقرئ، فقال: يا بني، ترى من مات الليلة، فإني قد رأيت في منامي كأن قائلا يقول: قد مات الليلة مقوم وحي الله منذ خمسين سنة، فلما أصبحنا إذا ابن مجاهد قد مات.
قرأت على الحسن بن أبي بكر، عن أحمد بن كامل القاضي، قال: توفي أبو بكر بن مجاهد المقرئ يوم الأربعاء، ودفن في يوم الخميس لعشر بقين من شعبان سنة أربع وعشرين وثلاثمائة.
حدثني الأزهري، قال: حدثنا محمد بن العباس الخزاز، قال: مات أبو بكر بن مجاهد المقرئ يوم الأربعاء وقت العصر، وأخرج يوم الخميس ضحوة، وصلى عليه الحسن بن عبد العزيز الهاشمي الإمام عند باب البستان في الجانب الشرقي، ودفن في مقبرة له بباب البستان، وذلك لتسع بقين من شعبان سنة أربع وعشرين وثلاثمائة.
أخبرني محمد بن جعفر بن علان الشروطي، قال: أخبرنا أبو علي عيسى