السبيل إلى رؤيتك. وخرجت فجئت الغرفة التي كنا ننزلها، فإذا صاحبي مورم الأذنين، وقد امتحن بمثل محنتي، فلما مد يده إلى المال صفعوه، وحلفت خالصة لئن رأته بعد ذلك لتودعنه الحبس. فاستشارني في المقام فقلت: اخرج وإياك أن تقدر عليك ثم التقتا فأخبرت كل واحدة صاحبتها الخبر، وأحمدتني عتبة وصح عندها أني محب محق، فلما كان بعد أيام دعتني عتبة، فقالت: بحياتي عليك، إن كنت تعزها إلا أخذت ما يعطيك الخادم فأصلحت به من شأنك فقد غمني سوء حالك فامتنعت فقالت: ليس هذا مما تظن ولكني لا أحب أن أراك في هذا الزي فقلت: لو أمكنني أن تريني في زي المهدي لفعلت ذلك فأقسمت علي فأخذت الصرة، فإذا فيها ثلاثمائة دينار، فاكتسيت كسوة حسنة واشتريت حمارا.
أخبرنا أبو حنيفة عبد الوهاب بن علي بن الحسن المؤدب، قال: حدثنا المعافى بن زكريا الجريري، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم الحكيمي، قال: حدثنا أحمد بن أبي خيثمة، قال: حدثنا عتاهية بن أبي عتاهية قال: أقبل أبي يمدح المهدي ويجتهد في الوصول إليه، فلما تطاولت أيامه أحب أن يشهر نفسه بأمر يصل به إليه، فلما بصر بعتبة راكبة في جمع من الخدم تتصرف في حوائج الخلافة، تعرض لها وأمل أن يكون تولعه بها هو السبب الموصل له إلى حاجته، وانهمك في التشبيب والتعرض في كل مكان لها والتفرد بذكرها وإظهار شدة عشقها، وكان أول شعر قاله فيها (من الخفيف):
راعني يا زيد صوت الغراب لحذاري للبين من أحبابي يا بلائي ويا تقلقل أحشا ئي ونفسي لطائر نعاب أفصح البين بالنعيب وما وما أفصح لي في نعيبه بالإياب فاستهلت مدامعي جزعا من ـه بدمع ينهل بالتسكاب