فسكت المهدي، وسكت الناس فسمع بشار حسا فقال لي: يا أشجع من هذا؟ فقلت: أبو العتاهية قال: فقال لي: أتراه ينشد في هذا المحفل؟! فقلت: أحسب سيفعل قال: فأمره المهدي أن ينشد، فأنشده (من المتقارب):
ألا ما لسيدتي ما لها
قال: فنخسني بمرفقه ثم قال لي: ويحك رأيت أجسر من هذا ينشد مثل هذا الشعر في هذا الموضع؟ حتى بلغ إلى هذا الموضع:
أتته الخلافة منقادة إليه تجرر أذيالها فلم تك تصلح إلا له ولم يكن يصلح إلا لها ولو رامها أحد غيره لزلزلت الأرض زلزالها ولو لم تطعه بنات النفو س لما قبل الله أعمالها قال: فقال بشار: انظر ويحك يا أشجع، هل طار الخليفة، عن فُرِشِه قال: لا والله ما انصرف أحد من ذلك المجلس بجائزة غير أبي العتاهية.
أخبرنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل، قال: أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدل، قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: قال لي أبو عبد الله محمد بن القاسم، قال: أخبرنا العتبي قال: رؤي مروان بن أبي حف ة واقفا بباب الجسر كئيبا آسفا، ينكت بسوطه في معرفة دابته فقيل له: يا أبا السمط ما الذي نراه بك؟ قال: أخبركم بالعجب مدحت أمير المؤمنين فوصفت له ناقتي من خطامها إلى خفيها، ووصفت الفيافي من اليمامة إلى بابه أرضا أرضا ورملة رملة، حتى إذا أشفيت منه على غناء الدهر جاء ابن بياعة