يستصغره ويحتقره ويعيب شعره، فقلت له: أتعيب شعره وهو الذي يقول من الطويل:
إذا كان خراجا أخوك من الهوى موجهة في كل أوب ركائبه فخل له وجه الفراق ولا تكن مطية رحال بعيد مذاهبه إذا كنت في كل الأمور معاتبا خليلك لم تلق الذي لا تعاتبه فعش واحدا أو صل أخاك فإنه مقارف ذنب مرة ومجانبه فقال لي: حدثني أبو عبيدة، قال: أنشدني شبيل الضبعي هذه الأبيات للمتلمس، وكان به عالما صادقا لأنه من قومه واحد رهطه، فقلت له: أفليس أبو عبيدة قال: ذكرت ما حدثني به شبيل الضبعي لبشار؟ فقال: كذب والله شبيل، والله لقد مدحت بهذه القصيدة ابن هبيرة فأعطاني أربعين ألفا، وكيف تكون هذه للمتلمس وما رواها أحد في شعره ولا وجدت قط في ديوانه وبشار يقول فيها:
رويدا تصاهل بالعراق جيادنا كأنك بالضحاك قد قام نادبه ويقول فيها:
فلما تولى الحر واعتصر الثرى لظى الصيف من وهج توقد آيبه وطارت عصافير الشقاشق واكتسى من الآل أمثال المجرة لاهبه غدت عانة تشكو بأبصارها الصدى إلى الجأب إلا أنها لا تخاطبه فقال: هو شعر إذا تأملته مختلف مضطرب، لا يشبه بعضه بعضا قلت: فلم لم تقل فيه هذا وهو للمتلمس؟ وكيف يكون هذا للمتلمس وما عرف بشار بسرقة شعر قط جاهلي ولا إسلامي؟ فسكت. قال أبو بكر ابن الأنباري: وفي هذا الشعر
أخوك الذي إن تدعه لملمة يحبك وإن عاتبته لان جانبه إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه