قبضت عليك بدور الراسبي وأحضرتك إلى واسط، فذكرت لي دفعة أنك المهدي، وذكرت في دفعة أخرى أنك رجل صالح تدعو إلى عبادة الله والأمر بالمعروف، فكيف ادعيت بعدي الإلهية؟! وكان في الكتب الموجودة عجائب من مكاتباته أصحابه النافذين إلى النواحي وتوصيتهم بما يدعون الناس إليه وما يأمرهم به من نقلهم من حال إلى أخرى ومرتبة إلى مرتبة، حتى يبلغوا الغاية القصوى، وأن يخاطبوا كل قوم على حسب عقولهم وأفهامهم وعلى قدر استجابتهم وانقيادهم، وجوابات لقوم كاتبوه بألفاظ مرموزة لا يعرفها إلا من كتبها ومن كتبت إليه، ومدارج فيها ما يجري هذا المجرى، وفي بعضها صورة فيها اسم الله تعالى مكتوب على تعويج، وفي داخل ذلك التعويج مكتوب: علي ﵇! كتابة لا يقف عليها إلا من تأملها.
وحضرت مجلس حامد وقد أحضر السمري صاحب الحلاج وسأله عن أشياء من أمر الحلاج، وقال له: حدثني بما شاهدته منه. فقال له: إن رأى الوزير أن يعفيني فعل، فأعلمه أنه لا يعفيه، وعاود مسألته عما شاهده، فعاود استعفاءه وألح عليه في السؤال، فلما تردد القول بينهما قال: أعلم أني إن حدثتك كذبتني ولم آمن مكروها يلحقني، فوعده أن لا يلحقه مكروه. فقال: كنت معه بفارس، فخرجنا نريد إصطخر في زمان شات، فلما صرنا في بعض الطريق أعلمته بأني قد اشتهيت خيارا، فقال لي: في هذا المكان! وفي مثل هذا الوقت من الزمان! فقلت: هو شيء عرض لي. ولما كان بعد ساعات قال لي: أنت على تلك الشهوة؟ فقلت: نعم. قال: وسرنا إلى سفح جبل ثلج فأدخل يده فيه وأخرج إلي منه خيارة خضراء ودفعها إلي. فقال له حامد: فأكلتها؟ قال: نعم. فقال له: كذبت يا ابن مائة ألف زانية في مائة ألف زانية، أوجعوا فكه. فأسرع الغلمان إليه وامتثلوا ما أمرهم به، وهو يصيح: أليس من هذا خفنا؟ ثم أمر به فأقيم من المجلس، وأقبل حامد يتحدث عن قوم من